هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول

 

 الحكامة الجيدة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حكيم
محاور محترف
محاور محترف
حكيم


عدد الرسائل : 613
المدينة : من أجل الانضمام لمجموعة المحاورين القانونيين لمدينتك
الكلية : فرصة لتتعارف مع المحاورين القانونيين بكليتك،و لإنشاء فرق بحث و تعاون .
التخصص : فرصة للتعرف على الأعضاء ذوو التخصصات المتشابهة .
المستوى الحواري :
الحكامة الجيدة Left_bar_bleue100 / 100100 / 100الحكامة الجيدة Right_bar_bleue

عدد النقاط : 6064
تاريخ التسجيل : 24/11/2007

الحكامة الجيدة Empty
مُساهمةموضوع: الحكامة الجيدة   الحكامة الجيدة Emptyالسبت يونيو 14, 2008 1:08 pm

في نقد مفهوم "الحكامة الجيدة"
أخذ مفهوم "الحكامة الجيدة" يحتل موقع الصدارة في سياسات وبرامج العديد من بلدان الجنوب، وذلك بإيعاز من البنك الدولي والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة، خاصة برنامج الأمم المتحدة للتنمية. إن الهدف من هذه الورقة هو إثارة الانتباه إلى الحمولة الإيديولوجية لمفهوم "الحكامة الجيدة" الذي أصبح يروَّجُ له كنموذج جديد للتنمية من شأن تبنيه من طرف بلدان الجنوب وإخراجها من دائرة التخلف وإدخالها إلى مصاف الدول الديمقراطية والمتقدمة
1) تعريف مفهوم "الحكامة الجيدة"
أخذت بلورة مفهوم "الحكامة الجيدة" من طرف خبراء البنك الدولي في التشكل إثر فشل سياسات التقويم الهيكلي التي دفعت هذه المؤسسة العديد من بلدان الجنوب إلى تبنيها أملا في الخروج من فخ المديونية الخارجية وضخ دماء جديدة في مسلسل التنمية الذي تعطل في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات.
غير أن محدودية الآثار الناجمة عن تطبيق برامج التقويم الهيكلي وتواضع معدلات النمو الاقتصادية إضافة إلى تأزم الأوضاع الاجتماعية، كلها عوامل أدت بالبنك الدولي إلى التركيز على عامل جديد كمعيق أساسي للتنمية، ألا وهو الجانب المؤسساتي المتمثل في إشكالية إصلاح الإدارة وتفشي الرشوة والمحسوبية، وقد أدت هذه المقاربة الجديدة إلى دمج عامل ظل البنك الدولي يستبعده في تحاليله لإشكالية النمو، ألا وهو العامل السياسي، وذلك لسببين رئيسيين: الأول يتمثل في التزام البنك بالحياد اتجاه التوجهات السياسية لكل بلد باعتبارها مسألة داخلية محضة، والثاني وهو أكثر أهمية ويرجع إلى المقاربة الاقتصادية الضيقة لقضايا التنمية باعتبارها عملية تقنية لا دخل للعوامل السوسيو سياسية والثقافية في التأثير عليها، ويكفي تبني الليبرالية الاقتصادية وآليات السوق لبلوغها. غير أن الواقع فرض على "خبراء" البنك الدولي إدماج بعض هذه العوامل، ولو بصورة مبتورة في تحاليلهم أملا في تجاوز فشل كل الوصفات التي قدموها للبلدان المتخلفة للنهوض بأوضاعها. يقوم البنك الدولي بمقاربة موضوع "الحكامة الجيدة" انطلاقا من التعرف على خصائص "الحكامة الجيدة" التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
1) لحكم الذي يفشل في الفصل الواضح والصريح بين المصالح الخاصة والمصلحة العامة، وبين المال العام والخاص، ويسهل استخدام الموارد العامة أو استغلالها لصالح مصلحة خاصة.
2) الحكم الذي لا يتوفر على إطار قانوني ولا يعمل على تطبيق مفهوم حكم القانون.
3) الحكم الذي له عدد كبير من المعوقات القانونية والإجرائية أمام الاستثمار المنتج بما يشجع على تنامي الأنشطة الاقتصادية ذات الطابع الريعي والمضاربات.
4) الحكم الذي يتميز بوجود أولويات تتعارض مع التنمية وتدفع نحو تبذير الموارد وسوء استعمالها. 5) الحكم الذي يتميز بوجود قاعدة ضيقة أو مغلقة وغير شفافة للمعلومات.
6) الحكم الذي يتميز بوجود الفساد وانتشار آلياته وثقافته بما في ذلك القيم التي تتسامح مع الفساد. 7) أخيرا، الحكم الذي يتميز باهتزاز شرعية الحكم وضعف ثقة المواطنين به، مما قد يساعد على تنامي القمع وضرب الحريات وانتهاك حقوق الإنسان وسيادة الاستبداد
بمقابل هذه الخصائص، تتميز "الحكامة الجيدة" بتوفر المعايير التالية:
1 - المحاسبة والمساءلة. - الاستقرار السياسي. - فعالية الحكومة. - نوعية تنظيم الاقتصاد. - حكم القانون. - التحكم في الفساد. ينبغي الإشارة إلى الاهتمام بموضوع "الحكامة الجيدة" لم يقتصر على البنك الدولي، بل تعداه ليشمل مؤسسات الأمم المتحدة المتخصصة وتجمعات إقليمية كالاتحاد الأوروبي. كما سعت العديد من الدول المتقدمة إلى اشتراط احترام معايير "الحكامة الجيدة" أو "الحكامة الديمقراطية" لاستفادة دول الجنوب من سياسات التعاون التي تنتهجها.
فبرنامج الأمم المتحدة للتنمية على سبيل المثال، حدد معايير "الحكامة الجيدة" في تسع هي: المشاركة، حكم القانون، الشفافية، حسن الاستجابة، التوافق، المساواة وخاصة تكافؤ الفرص، الفعالية، المحاسبة والرؤية الإستراتيجية. وبديهي أن إشكالية الحكامة مرتبطة بشكل وثيق بقضايا الفساد والرشوة، فالحكامة السيئة تؤدي إلى إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص. "فالفساد يحدث عادة عندما يقوم موظف بقبول أو طلب أو ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء لمناقصة عامة، كما يتم عندما يقوم وكلاء أو وسطاء لشركات أو أعمال خاصة بتقديم رشاوي للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسين، وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين المرعية. كما يمكن للفساد أن يحدث عن طريق استغلال الوظيفة العامة دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب أو سرقة أموال الدولة مباشرة"
2) الحكامة الجيدة كنموذج جديد للتنمية لا يكتفي البنك الدولي بحث دول الجنوب على اعتماد "الحكامة الجيدة" كأسلوب لتدبير الشأن العام والعلاقات بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بل يروج لهذا الموضوع باعتباره مفتاح التنمية ونموذج جديد يمكن من تجاوز إخفاقات نموذج التنمية العالمثالثي لسنوات الستينيات والسبعينيات وبرامج التقويم الهيكلي التي طبقت في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. ففي نظره، لا الفكر الاقتصادي البنيوي الذي ركز على التدخل القوي للدولة للدفع بعجلة التنمية ولا المتحمسين الليبراليين لتراجع الدولة عن وظائفها الاقتصادية لصالح المبادرة الحرة وآليات السوق تمكنا من ملاءمة دور الدولة مع متطلبات التنمية. لهذا، يعتبر خبراء البنك الدولي بأن الحل يكمن في بروز دولة ناجعة تطبق مبادئ "الحكم الجيد"• ما ينبغي التنبيه إليه في هذا الصدد هو أن هذا الدور الجديد للدولة مكن هؤلاء الخبراء من الخروج من المأزق الذي وجدوا فيه أنفسهم من جراء التركيز المستمر على وصفات الليبرالية الاقتصادية. انطلاقا من هذا التشخيص، يتم التنظير "للحكامة الجيدة" بوصفها الوسيلة الناجعة لبزوغ دولة مثالية تلعب دور المحفز على إحداث تحولات عميقة داخل القطاع الخاص والمجتمع بما يعجل بوثيرة النمو الاقتصادي. بمعنى آخر، على الدولة المركزية أن تعبأ كل إمكانياتها لخدمة المقاولات والساكنة قصد خلق الثروات والحد من ظاهرة الفقر.
3) محدودية مقاربة "الحكامة الجيدة" إذا كان لمفهوم "الحكامة" بعدا تحليليا مهما باعتباره أداة تسلط الضوء على العلاقات المعقدة والتفاعلات بين الدولة وباقي الفاعلين من قطاع خاص ومجتمع مدني، مما يساعد على بروز طرح جديد لإشكالية دمقرطة المجتمع في بلدان الجنوب، فإن ما يعاب على مصطلح "الحكامة الجيدة" هو حمولته القيمية وطابعه المعياري الذي يعطي للمنظمات المالية الدولية (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) سلطة القرار فيما هو "صالح" وما هو "سيء" ولا تتوانى هذه المؤسسات في فرض شروطها من خلال حزمة من الإجراءات والبرامج ذات الطابع المؤسسي على البلدان الراغبة في الاستفادة من قروضها ومساعداتها المالية. وتشمل هذه الحزمة إصلاح الإدارة والقضاء، محاربة الرشوة، اعتماد حكم القانون في تدبير الشأن العام، احترام حقوق الإنسان وتشجيع المشاركة في اتخاذ القرارات وتتبع تنفيذها. من جهة أخرى، مما يعاب على مقاربة "الحكامة الجيدة" كونها لا تحدث أي قطيعة مع السياسات النيوليبرالية التي تسوقها المؤسسات المالية الدولية كحل وحيد لإشكالية التخلف والتنمية بل يتبين من خلال الممارسة بأن التركيز على قضايا "الحكامة الجيدة" ومحاربة الفقر يكتسي طابع الخطاب الاستهلاكي المحض لتمرير أجندة الليبرالية الجديدة من خوصصة وتراجع للدولة عن دورها الاقتصادي وسحب لدعمها للمواد والخدمات الأساسية وفتح لأسواق بلدان الجنوب لفائدة الرأسمال العالمي ومنتجات الدول الرأسمالية المهيمنة. ففي حالة المغرب مثلا، نلاحظ أنه في الوقت الذي يؤكد فيه البنك الدولي على ضرورة الإصلاح المؤسساتي عبر تبني "الحكامة الجيدة" يتم الإلحاح على ضرورة تجميد الأجور واعتماد المرونة في سوق الشغل واعتماد سياسة جبائية أكثر جرأة لصالح المقاولات ورفع الحماية الجمركية على المواد المصنعة... على مستوى آخر، يؤدي التركيز الشديد على الإصلاح المؤسساتي كشرط لبلوغ هذه التنمية إلى وضع لائحة طويلة من البرامج والإجراءات والسياسات تكاد تكون مستحيلة التطبيق ولو على المدى الطويل، وقد يستغرب المرء عندما يلح خبراء البنك الدولي على مدى استنساخ أحسن التجارب المؤسساتية في مجال الإدارة أو القضاء بالولايات المتحدة أو السويد وتطبيقها في بلدان فقيرة بإفريقيا أو أمريكا اللاتينية مما يوحي بأن هذه الدول أصبحت متقدمة!! أما الملاحظة الأخيرة فتتعقل بتغييب مقاربة "الحكامة الجيدة" للصراع الاجتماعي وتضارب المصالح بين الفئات والطبقات الاجتماعية إن على المستوى الدولي أو المستوى الوطني بوصفهما عائقين كبيرين بل ومحددين أساسيين لاستمرار التخلف وتنامي ظواهر الفقر والتهميش والإقصاء. في الخلاصة، يتبين بأن اعتماد مقاربة "الحكامة الجيدة" كنموذج جديد للتنمية ليس من شأنه حل المشاكل التي تتخبط فيها بلدان الجنوب من تخلف وفقر وتفش لمظاهر الفساد السياسي والاقتصادي وأنه لا مندوحة عن تبني استراتيجيات تنموية نابعة من الذات يتم وضعها من طرف دول تتمتع بكامل استقلاليتها في اتخاذ القرارات التي تخدم مصالح مواطنيها ومواطناتها، بعيدا عن سياسة الإملاءات الخارجية وفرض الشروط التعجيزية التي تخدم في نهاية الأمر مصالح القوى الاقتصادية والمالية المتنفذة على الصعيد العالمي.
منقول للفائدة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحكامة الجيدة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الحوار العام و الترحيب و التعارف :: الحوار الإسلامي و الثقافي و الفكري-
انتقل الى: