العراق بين الأمس واليوم
بعد 2003.. العراق يعيش اليوم مأساة مروّعة لم يشهد لها مثيلاً طالت كل جوانب الحياة التي يعيشها الإنسان العراقي الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية والثقافية والسياسية فيما لايزال البعض يتحدث ويُنَظّر عَن التحرير والديمقراطية والأحزاب الوطنية التي ناضلت ضد الديكتاتورية وعن تضحيات مناضليها ونيّتها في بناء عراق ديمقراطي تعددي فيدرالي دستوري وغيرها من إدعاءات ظَهَرَ زيفها وثبُت بطلانها أمام ما نراه ونسمعه يومياً في العراق.
لقد فشل سياسيو ومنظروا الخارج بامتياز ليس فقط بحكم العراق بل وبالتعايش مع مشكلات أبنائه وإيجاد الحلول لها فهم يريدون إجبار الشعب العراقي كله على التعايش معها بدلاً أن يحاولوا هُم التعايش مع مشاكل هذا الشعب وحلها..فالحلول التي جاؤوا بها لم تزد سوى من تصاعد العنف .
فهناك تناقض كبير بين خطابات المحللون السياسيون والخبراء الدوليين والحقيقة و المأساة الداخلية والفجوة الكبيرة التي تفصل بينهما هي وصف أغلب هؤلاء لما حدث في 2003 بسقوط النظام في حين أن ما حدث كان سقوط الدولة العراقية وانهيار مؤسساتها والتي كان سقوط النظام الحاكم تحصيل حاصل لسقوطها .
ان البعض يشبه ما يحصل اليوم من مآسي في العراق بما حصل قبل نصف قرن في ألمانيا واليابان متناسين ومتجاهلين بأنه قد مرت السَنة السابعة لسقوط نظام صدام والبلاد لم تتقدم ولا حتى خطوة واحدة على طريق أي شيء فيما أصبحت ألمانيا بعد سنوات معدودة من سقوط هتلر ونظامه النازي ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم وهي التي كانت أواخر الحرب العالمية الثانية بحال أسوء من حال العراق قبل ست سنوات والسبب هو أن الساسة الألمان الذي جاؤوا بعد التغيير قد عملوا على التغيير.
إلا انه لا يعني أن العراق كانت في أحسن الأحوال فلا تيار اليسار الذي كانت له الكلمة بعد إنقلاب1958قد أعطى حينها مثالاً عملياً على ديمقراطيته ولا التيار القومي الذي حكم العراق لأربعين سنة منذ 1963وحتى 2003 قد فعل ذلك ولا تيار السياسي الذي يحكم اليوم قد فعلها بل إنه الأسوأ مِن بين مَن سبقوه بجميع المقاييس.. وإن كان الجميع يلتقون بسيّئة كونهم تيارات شمولية دكتاتورية تؤمن بالفكر الواحد.فاليوم قد فشلت الحكومة بحكم العراق والتعامل مع إشكالاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية.في حين لوعملت لبناء دولة مواطنة ( يتعايش ) فيها الجميع ولهم فيها نفس الحقوق والواجبات آمن المواطن العراقي بأنه ابن العراق وولائه وانتمائه لها قبل أن يكون انتمائه عربياً أو كردياً أو تركمانياً أو شيعياً أو سنياً وقبل أن يكون ولائه للطائفة أو القومية فانه سيصل إلى أن هذه البلد هي له أولاً وأخيراً وهي بالتالي لكل العراقيين.