محمد الخو محاور متوسط
عدد الرسائل : 10 العمر : 34 المدينة : sidi slimane الكلية : محمد الخامس السويس سلا التخصص : حقوق عربية المستوى الدراسي : السداسية الأولى المستوى الحواري : عدد النقاط : 4746 تاريخ التسجيل : 12/12/2011
| موضوع: معــانـــــــات أبــــــــــدية الأربعاء فبراير 29, 2012 1:05 pm | |
| معــانـــــــات أبــــــــــدية " محمد الخــــو "
لم ترى في هذا العالم الذي أوشك أن ينفجر أن تقلب موازينه، سوى أناسا يكابرونها بغناهم وجاههم ومكانتهم في المجتمع. وأما المستضعفون أمثالها فقد ورثوا ما جاء بعدها وهي لم تكابر إلا بفقرها ومآسيها التي بعثرت حروفها على حالها. لذا يجب أن تفعل شيئا أن تصرخ أن تركل الفراغ الذي ما لبث أن أصبح جزءا منها، أن تلوم المجتمع أم القدر أم أن تلوم نفسها، لا تستطيع المقاومة، الواقع يفرض ذلك فتنسى كل ما هو مرتبط بها وترتبط بكل ما هو قد يجعلها تكافح وتناضل من أجل أن تسكت بكاء صارخ يتجاوز الفضاء المظلم ويكاد يخترق طبول السامعين. لتجعلهم سعداء غير محتاجين لكن الواقع شيء أخر لا يسمح بذلك. لم تكن سعاد مثل الفتيات الأخريات لم تنعم بالعيش الكريم أو شيء من السعادة ولو جزء منها كأن هناك شيئا خفيا يكبل سعادتها. كانت وحيدة والديها، توفيت أمها وهي في الثانية عشر من عمرها لم تكن تعرف معنى الموت أو تسمع عنه شيئا، وكيف تسلب أرواح الناس. تسلب الأرواح الطيبة وتبقى الأرواح الخبيثة تتسكع بين أرجاء قلوبهم علها تخطف طيبوبتها. كان موت والدتها فجائيا بدون سابق إنذار. بعد مرور شهرين تقريبا عن موت الزوجة هم الأب إلى أن يبحث عن بديل أخر زوجة تراقب أمور البيت وتعتني بابنته الوحيدة. لكن ما لم يكن في الحسبان هو أن سعاد لم تقبل مند الوهلة الأولى بزوج أبيها مند أن وطأت قدميها عتبة باب المنزل ، حدسها طردها دون أن يستطلع ما في جعبتها. لم تحب أبدا أن تحل امرءة مكانة أمها العزيزة لم تحبها يوما أو ابتسمت لها مرة كانت تنظر إليها نظرة اشمئزاز تشتمها وتحاول أن تقتلها في خيالها لولا الظلمة الحالكة التي تغزوه. كما أن الأخرى لا تكن لها سوى الحقد والكره لا تبالي بها أو تهتم لحالها إلا في حالات قليلة أمام حضرة الأب . كابدت سعاد وعانت لمدة ست سنوات من المعاناة والبؤس الذي بدوره حاول أن يهرب من جبروت الزوجة وطغيانها ، حتى جاء يوم تفتح فيه أبواب الهناء والسعادة في وجه سعاد حين تقدم شاب عشريني يعمل في مجال البناء، هذا ما كانت تتمناه يوما هو أن يأتي رجل ما يخرجها من كفن زوج أبيها الأسود. حتى أن الأب لم يعد يهتم بها كما كان من قبل لا يعرف سوى أن يأتي بلقمة عيش وأن يغطس بجسده في سريره كل مساء. انتقلت سعاد بعد زواجها إلى مدينة بعيدة في شمال المغرب هناك أنجبت توئم مريم ومراد، توئم أضاف إليها معنى جديدا في قاموس الحياة معنى مليئا بالحب والحنان والأمومة معنى افتقدته لمدة طويلة. كانت تملأ فراغها بأشغال البيت ومداعبة توئميها وتقص لهما عن جدتهما كيف كانت تعاملها وتعتني بها، وكيف كانت تكره زوجة والدها رغم أن التوئمين لم يكن يفهمان شيئ فلم يتجاوزا التلاث سنوات. ويأتي الأب بعد نهار طويل من العمل الشاق ليأتي دوره في مداعبة وملاعبة ابنه وابنته. لكن ما لم يكن متوقعا هو أن تلك الأبواب التي فتحت في وجه سعاد يوما، ستغلق من وراء ظهرها وكخنجر مسموم طعنت به من الخلف، لقد غدرها القدرلم تتخيل وفاة زوجها بعدما انهار عليه جدر من الإسمنت، كانت تتمنى لو كان هذا حلما، كان خبر وفاة زوجها مثل صاعقة من نار حرقت كل أمل ينبض بالحب والتفاؤل. ماذا ستفعل الأن وفي عشها عصفورين لا يقدران عن الطيران بعد. حاولت أن تفكرفي الإنتحار لكن فكرها أوقفها عن ذلك. ما مصير العصفورين؟ ما ذنبهم؟ لا يمكنهم أن يعيشو أيتاما، لا تريدهم أن يعرفو كيف هي المعانات، من سيداعبهم ويلاعبهم ويروي لهم الحكايات. عند وفاة زوجها أتى أصدقائه في العمل ليساعدونها في تشييع الجنازة، فلم يكن للزوج عائلة أو أقرباء سوى زوجته وابنيه. مثل زهرة قطفت من بستان لتزرع في جنبات الطريق تداعبها أدخنة السيارات. بعد مرور ( حق الله ) عن الزوجة هم إليها رجال كثر يتوافدون عليها طلبا للزواج منها بل طمعا في جمالها الملائكي وشبابها الربيعي. لكنها رفضت لكونها لا تريد أن تضع نفسها في نفس الخطأ الدي ارتكبه والدها عندما تزوج امرءة أخرى مخافة أن يقع لإبنيها مثل ما وقع لها . خرجت سعاد بحثا عن عمل بعدما انقضى ما كان في حوزتها من مال ادخره زوجها. يجب أن تعمل من أجل إعالة ابنيها وتوفير كل ما يحتاجون، لم تعد تحب صرخة بكائهم التي تغيرت، صرخة تسطو على داتها وعلى قلبها التي ضعفت فيه دقات الأمل. كانت تواجه صعوبات مع أرباب العمل الدين يحاولون التحرش بها. كانت ترفض ذلك، كطير صغير فقد سربه في السماء فلم يجد إلا الصقور الجارحة تحوم حوله. كان مصيرها الطرد فتعود خاوية الوفاض وعلى أكتافها خيبة أمل. ماذا ستطعمهم لقد ملو الشاي والخبز الحافي. أينما حلت طردت. من يلبي حاجيات ومتطلبات ابنيها ؟ من يسكت صرختهم ؟ لا أحد سواها. القلوب الطيبة ماتت وانقرضت فلم يبقى إلا القلوب الخبيثة تتسكع وتهبش بحثا عن قلوبة مجروحة . حاولت مرارا وتكرارا ألا تكون ضحية للدهر، ألا تسقط في بحيرة الفساد الاجتماعية لكنها لم تفلح كانت بحيرة عميقة عكرة وموحلة. فكان الحل الوحيد هو أن تستسلم لوحوش البشر وأن تخرج برفقتهم لتتسكع رغما عنها ككلاب ضالة . خرجت سعاد إلى السوق السوداء حيث يروج فيها اللحم البشري على أنواعه الذي أصبح يعرض في الشارع مثل بضاعة أو سلعة التي تلقى إقبالا واسعا من لدن المجتمع الفاسد يتعطش ويتلهف لمثل هذه الأجساد الدابلة لولا بعض القيود لكانت تجارة يفتخر بها، تجارة لها ضريبة غالية الثمن يؤديها المجتمع. يقف شخص ما بسيارته على فتاة ما يتكلمان ويتساومان عن ثمن البضاعة ثم يتفقان ويأخدها معه ويأتي الأخر وهكذا تستمر عملية بيع الأجساد البشرية حتى جاء دور سعاد فوقف عليها شاب بسيارته قائلا: _ كيف حالك يا جميلة ؟ كانت تعرف أن الجمال له نصيب في هذه السوق لكنها لم تعد تعترف به بعد وفاة زوجها وخروجها لبيعه. _ كم ثمنك ؟ لم تكن تستطيع الرد فيكون جوابها : _ هل سنذهب أم لا ؟ فيأخذها إلى كهفه ليشبع غريزته الحيوانية فوق إرادتها المسلوبة التي بدأت تنفد يوما بعد يوم، واستمرت على هذا الحال لم تكن راضية على هذا الفعل الشنيع في حق نفسها وابنيها لكن عوائد الدهر لا تسمح بأن تفكر في مسألة عرضها مما أ بسط ثقله عليها .
محمـد الخــو | |
|