المغربي محاور محترف
عدد الرسائل : 166 العمر : 39 المدينة : من أجل الانضمام لمجموعة المحاورين القانونيين لمدينتك الكلية : فرصة لتتعارف مع المحاورين القانونيين بكليتك،و لإنشاء فرق بحث و تعاون . التخصص : فرصة للتعرف على الأعضاء ذوو التخصصات المتشابهة . المستوى الحواري : عدد النقاط : 6177 تاريخ التسجيل : 25/06/2008
| موضوع: صدام الحضارات في طبعة جديدة منقحة الأحد يناير 25, 2009 8:58 pm | |
| صدام الحضارات في طبعة جديدة منقحة
أسال طرح "صدام الحضارات" حبراً كثيراً ولم يعد هنالك ما يقال حوله. خصوصاً بعد أن أعلنت ادارة كلينتون عن عدم تبنيها له وعدم اعتباره موضوعياً جديراً بأن يؤخذ في الاعتبار. لكن الموضوع عاد الى الواجهة عبر طبعة جديدة منقحة ومزيدة.
وكنت قد نشرت قراءة نفسية – انثروبولوجية حول الموضوع في جريدة "الحياة" اللندنية بتاريخ 27/6/99، بينت فيه أن هذا الطرح لا يتعدى كونه شائعة غاطسة، من النوع الذي يظهر ويزدهر ثم يغيب ليعاود الظهور بعد فترة وبعد توافر ظروف عودة الشائعة للتداول.
لكن هذه الشائعة مثلها مثل بقية الشائعات تزدهر مع زيادة نسبة الذين يريدون تصديقها. فمن يريد التصديق يعمل على نشر الشائعة وترويجها دون أن يحاول التحقق منها، بل أن بعضهم يروج لها وهو مقتنع تمام الاقتناع بعدم صحتها. وبمراجعة الرواج الذي لاقته شائعة "صدام الحضارات" نجد أنه بلغ قمة ما يمكن أن تتوصل إليه شائعة ما.
فالجميع ،جميع أطراف الصدام، كان راغباً بتصديق هذه الشائعة، وهذا ما يدعونا للتساؤل عن خلفية هذا الإجماع الذي كاد أن يحول هذه الشائعة إلى قناعة راسخة لدى جميع الأطراف؟
لقد حاول العديد من المحللين تقديم الإجابات على هذا السؤال، ولعل أبرز المجيبين كان فريد هاليداي في كتابه المعنون بـ " خرافة صدام الحضارات". وأهمية إجابة هاليداي تأتي من تصنيفه لدوافعها وتفنيده لعناصر لا منطقيتها، هذا دون أن ننسى مساهمات عديدة طرحت تحت شعار "حوار الحضارات" لا "صدام الحضارات"!.
لكن ما نلاحظه اليوم هو أن فرضية الصدام الهنتنغتونية تتخطى القمة التي بلغتها قبل سنوات الى قمة تكاد تؤكد على تحول الشائعة الى حقيقة معيشة. وان كانت القناعة بهذه الحقيقة قناعة ضمنية. بمعنى تهرب كافة الأطراف من التصريح العلني بها. فقد تراجع بوش عن مصطلحات "الحرب الصليبية" و"العدالة المطلقة" مراعاة لمشاعر العرب والمسلمين. وفي اطار المراعاة أيضا" كان استبعاد اسرائيل من حرب أفغانستان والاعلانات المتكررة على أن الحرب على الارهاب هي غير الحرب على الاسلام.
هفوات بوش في هذا المجال تذكرنا بهفوته عندما استعمل الفاظا" نابية نعت بها أحد الصحفيين خلال الحملة الانتخابية. يومها لم ينتبه المرشح بوش الى أن الجمهور لايزال يسمعه عبر مكبرات الصوت. فكانت هذه الألفاظ فضيحة اضطرت المرشح بوش للاعتذار. وفي عودة الى التحليل النفسي نجد أن الهفوة هي الأصدق والألصق بحقيقة المشاعر وبمكبوتات اللاوعي. بل أن فرويد كان يعتبر أن الرواية الأولى هي الأصدق وباقي الروايات اللاحقة هي مجرد تجميلات تدخل بمساهمة الدفاعات النفسية. وبمعنى آخر فان التحليل النفسي يؤكد على مجموعة معطيات ليست في صالح الرئيس الأميركي. وأهم هذه المعطيات هي:
1. أنه اعلن عن بداية صدام الحضارات على المستوى العسكري. متوجا" التطرف الاسلامي زعيما" للارهاب الدولي. مع اصرار عنيد على توظيف التناقضات الاسلامية من عرقية ومذهبية واقتصادية وتاريخية.
2. أنه شخصية نزوية غير قادرة على تعقيل ردود فعلها وتاليا" على تحمل الاحباطات وتقبل الواقع. والاندفاعات الغريزية لهذه الشخصية تكون في غاية الخطورة أمام الوضع الدولي الراهن.
3. ان هذه الشخصية سهلة الانقياد وتابعة للآخرين. ونتيجة لهذه التبعية مضافا" اليها عدم تحمل الاحباطات يمكن التوقع بأن بوش سيترك الأمور لصقوره (رامسفيلد ورايس خاصة) كي يسيروها ليبقى هو ظلا" لهذه الشخصيات.
4. افتقاده للمرونة الفكرية والنفسية وميله للتوحد بريغان (وأعضاء فريقه ممن لايزالون على قيد الحياة). دون ادراك واقعة أن مرونة ريغان هي التي كانت تنقذه في الظروف الصعبة والمعقدة. اذ كان معروفا" عنه أنه يملأ الدنيا ضجيجا" ثم يسكت ليحل المشكلة بهدوء وبمساعدة اصدقائه.
5. تجاهله ،وفريقه، لواقعة أن دولا" عربية واسلامية عديدة كانت تطارد بن لادن والتطرف الاسلامي عموما". بل أنها كانت تطالب بتسليمهم لها من أجل محاكمتهم. فلو ارادت الادارة الأميركية محاكمة الارهاب لكان بامكانها تلزيم هذه المحاكمة الى هذه الدول لتبقي أيديها نظيفة.
هذه النقاط مجتمعة تشير الى اصرار عنيد من جانب الصقور في أميركا على اعادة اصدار صدام الحضارات في طبعة جديدة منقحة ومزيدة!؟. ومن سمات الاصدار الجديد الاعتماد الكلي على استشارة اليهود لمعرفتهم بطباع العرب والمسلمين. حيث تتميز الطبعة الجديدة بفصل المسارات ،على الطريقة الاسرائيلية، لاستفراد كل فئة لوحدها منعا" لقيام ردة فعل موحدة تجاه هذا الصدام. فالتقارير الاستراتيجية الأميركية تشير الى انهيار الاقتصاد الأميركي ما لم تتم السيطرة الكاملة على نفط الشرق الأوسط. حتى لو اقتضت هذه السيطرة استعمار اميركا العسكري للشرق الأوسط. ولعل نقطة الضعف الوحيدة في الطبعة الجديدة هي ما يغيب دائما" عن عقل اليهودي الذي يعتبر أن جنته هي على هذه الأرض. بينما يعتبرها المسلمون في السماء. وهو اعتبار يفسر جهوزية الموت لدى العرب والمسلمين
عادل المبروك عجاج
| |
|