عبد الحكيم الحكماوي محاور محترف
عدد الرسائل : 206 العمر : 49 المدينة : الربــــــاط الكلية : جامعة محمد الخامس _ سلا
كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية التخصص : القانون الخاص المستوى الدراسي : السلك الثالث المستوى الحواري : عدد النقاط : 6190 تاريخ التسجيل : 22/10/2009
| موضوع: ما قيل في القضاء : صفة القاضي بين الناس الأحد أكتوبر 10, 2010 1:08 am | |
| قال ابن مناصف: واعلم انه يجب على من تولى القضاء أن يعالج ، ويجتهد في صلاح حاله ، ويكون ذلك من أهم ما يجعله من باله ، فيحمل نفسه على أدب الشرع وحفظ المروءة وعلو الهمة ، ويتوقى ما يشينه في دينه ومروءته وعقله ويحط من منصبه وهمته ، فإنه أهل أن ينظر إليه ويقتدى به ، وليس يسعه في ذلك من يسع غيره ، فالعيون إليه مصروفة ، ونفوس الخاصة على الاقتداء بهديه موقوفة ، ولا ينبغي له بعد الحصول على هذا المنصب ، سواء وصل إليه برغبة فيه وطرح نفسه عليه أو امتحن به وعرض عليه أن يزهد في طلب الحظ الأخلص والسنن الأصلح ، فربما حمله على ذلك استحقار نفسه لكونه مما لا يستحق المنصب ، أو زهده في أهل عصره ويأسه من استصلاحهم واستبعاد من يرجو من علاج أمرهم وأمره أيضا ، لما يراه من عموم الفساد وقلة الالتفات إلى الخير ، فإنه إن لم يسع في استصلاح أهل عصره ، فقد أسلم نفسه وألقى بيده على التهلكة ويئس من تدارك الله تعالى عباده بالرحمة، فيلجئه ذلك إلى أن يمشي عليه أهل زمانه ، ولا يبالي بأي شيء وقع فيه لاعتقاده فساد الحال ، وهذا أشد من مصيبة القضاء وأدهى من كل ما يتوقع من البلاد ، فليأخذ نفسه بالمجاهدة ويسعى في اكتساب الخير ويطلبه ، و يتصلح الناس بالرهبة والرغبة ويشدد عليهم في الحق فإن الله تعالى بفضله يجعل ولايته وجميع أموره فرجا ومخرجا ، ولا يجعل حظه من الولاية المباهاة بالرياسة وإنفاذ الأمر والتلذذ بالمطاعم والملابس والمساكن ، فيكون ممن خوطب بقوله تعالى: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ( الأحقاف :20) ويجتهد أن يكون جميل الهيئة ظاهر الأبهة وقور المشية والجلسة حسن المنطق والصمت محترزا في كلامه من القول وما لا حاجة به ، فألمنا يعد حروفه على نفسه عدا ، فإن كلامه محفوظ وزلــله في ذلك ملحوظ وليقلل عند كلامه الإشارة بيده والتفات بوجهه ، فإن ذلك من عمل المتكلفين وصنع غير المتأدبين وليكن ضحكه تبسما ونظره فراسة وتوسما وإطراقه تفهما أو يكون أبدا مترديا بردائه حسن الزي وليلبس ما يليق به ، فإن ذلك أهيب في حقه وأجمل في شكله أدل على فضله وعقله ، وفي مخالفة ذلك نزولا وتبذل، وليلزم من السمة والحسن والسكينة والوقار ما يحفظ به مروءته فتميل الهمم إليه ويكبر في نفوس الخصوم الجرأة عليه ، من غير تكبير يظفره ولا إعجاب يستشعره ، فكلاهما شين في الدين وعيب في أخلاق المؤمنين " . | |
|