هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول

 

 الارتباط العضوي بين حقوق الإنسان وحق التنمية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
القانوني
محاور محترف
محاور محترف



عدد الرسائل : 124
المدينة : من أجل الانضمام لمجموعة المحاورين القانونيين لمدينتك
الكلية : فرصة لتتعارف مع المحاورين القانونيين بكليتك،و لإنشاء فرق بحث و تعاون .
التخصص : فرصة للتعرف على الأعضاء ذوو التخصصات المتشابهة .
المستوى الحواري :
الارتباط العضوي بين حقوق الإنسان وحق التنمية  Left_bar_bleue0 / 1000 / 100الارتباط العضوي بين حقوق الإنسان وحق التنمية  Right_bar_bleue

عدد النقاط : 6134
تاريخ التسجيل : 01/06/2008

الارتباط العضوي بين حقوق الإنسان وحق التنمية  Empty
مُساهمةموضوع: الارتباط العضوي بين حقوق الإنسان وحق التنمية    الارتباط العضوي بين حقوق الإنسان وحق التنمية  Emptyالإثنين أغسطس 29, 2011 2:10 pm


عذرا عن هذا الغياب الطويل عن منتدانا الحبيب و ذلك لظروف خارجة عن إرادتي

ملحوظة : هذا الموضوع منقول للفائدة

مقدمــــة:
ان اهم التصريحات المتعلقة بحقوق الانسان اعلن عنها في فترات من تاريخ الانسانية تميزت بالاضطراب، وذلك عندما تكون الشعوب وعيا جديدا بشرعيتها ومصالحها والحقوق التي اكتسبتها.

ان عيب هذه التصريحات يكمن في كونها تبقى ملتصقة بتلك الفترة الزمنية فلا يمكنها ان تصبح ادوات لدينامية المجتمع.
وينتج عن ذلك ان تصبح حقوق الانسان مجرد مبادئ قانونية، او مبادئ للدفاع عن النفس، ويمكن ان تتحول الى مجرد مسطرات قانونية، وفي المستوى الدولي قد تميل هذه الحقوق الى خدمة مصالح الحكومات بدل الدفاع عن حقوق الافراد والشعوب.
وبالفعل فانه عندما حددت الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان سنة 1950 فانه الامر كان يعني الدفاع عن القيم الديمقراطية الغربية ضد التهديدات الخارجية منها والداخلية مع ان هيئة الامم المتحدة اعتبرت دائما ان حقوق الانسان يمكن ان تكون لها ابعاد اخرى ولا تستعمل فقط للدفاع عن الافراد وحمايتهم.

ان هناك من يرى بان حقوق الانسان كانت دائما حقوقا للمحظوظين سواء على المستوى الدولي او المستوى الوطني، الا ان الفقراء والمحرومين الذين يكونون اغلبية سكان العالم يعتبرون حقوق الانسان كوسيلة للتحرير والانعتاق.
ولذلك كان على هيئة الامم المتحدة ان تتبنى منظورا جديدا اكثر دينامية، يتوجه بالاساس الى هموم اولئك الذين لا يملكون شيئا – الذين يجب ان يحصلوا على حقوق اخرى، وبالنسبة اليهم فان التمتع بهذه الحقوق يعني التغيير. ومن هنا كان الصراع الذي قام حول حقوق الانسان بين اولئك الذين يفكرون بان هذه الحقوق لا يمكن ان تستعمل الا لحماية مصالحهم وابقاء كل شيء على ما هو عليه، واولئك الذين يعتقدون بان حقوق الانسان يجب ان تؤدي الى التغيير، اولئك الذي يطمحون الى مجتمع اكثر عدالة واكثر انسانية.

وانطلاقا من حقوق المحرومين الرامية الى التحرير والانعتاق، فان هيئة الامم المتحدة تبنت منظورا جديدا في نهاية الستينات يرمي الى اقامة علاقة بين حقوق الانسان ومشاكل العالم الاكثر اهمية اقامة علاقة بين حقوق الانسان والتنمية والامية والفقر، والعدوان، والتمييز العنصري، وفي كلمة واحدة كل ما يمس الجماهير العريضة في العالم.

وقد انعقدت ندوة عالمية في طهران سنة 1968 (بمناسبة السنة الدولية لحقوق الانسان) اصدرت ما يسمى بتصريح طهران، تتناول هذه الحقوق من خلال نظرة هيكلية، وهي وثيقة جيدة تربط حقوق الانسان بالمشاكل العالمية الكبرى، وذلك بتناولها من خلال نظرة شاملة لمختلف مظاهر الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات والدول فتربط هذه الحقوق بالسلم والتنمية، واقامة نظام اقتصادي عالمي جديد.

ان موضوع العلاقة بين حقوق الانسان وحق التنمية انطلاقا من هذا المنظور، تستلزم تناول مفهوم حق التنمية في تعريفه وطبيعته ومضمونه سواء على مستوى الافراد او الشعوب والدول، وهذا هو موضوع الفقرة الاولى من هذا العرض، كما يقتضي المزيد من استجلاء كنهه بتوضيح العلاقة العميقة التي تربطه مع مختلف حقوق الانسان الاخرى باعتباره تركيبا لجميع هذه الحقوق له اثر خطير على مفاهيم القضايا الكبرى لعصرنا مثل التخلف وبناء الوطن والديمقراطية والسلم، وهذا هو موضوع الفقرة الثانية.
***
القسم الاول :
حق التنمية
ان الاستراتيجية الجديدة لهيئة الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها، تعطي لحق التنمية بصفة عامة مفهوما يتخذ الانسان هدفا للتنمية، توفر له حياة افضل، لا مجرد مفهوم مادي يعتبر فيه الاشخاص وسائل انتاج، على ان يستفيد من ذلك جميع افراد المجتمع وان توجه مناهج التنمية الى اشباع حاجات الكائن البشري وتحسين نوعية حياته، في كل انحاء العالم.

بالنسبة للشعوب والدول :
ان حق تنمية الشعوب والدول يعتمد مبدا التضامن والارتباط بين الدول المتقدمة صناعيا وتلك التي توجد في طريق النمو، بحيث يقع على عاتق كل منها التزام تسهيل تمتع الاخرى بالحق في التنمية، وموضوع هذا الحق هو " التنمية الكاملة" للشعوب التي تعني خلق الظروف التي تتيح لكل منها فرصا متساوية للاخذ باسباب التنمية من اجل تفتح الشخصية الانسانية مما يؤدي الى سيادة الديمقراطية في العلاقات الدولية.

ويتجلى محتوى هذا الحق في كونه تركيب لمجموع الحقوق المعترف بها من طرف المجتمع الدولي، يتطور بتطورها. وقد حدد هذا المحتوى من طرف خبراء لدى هيئة الامم المتحدة في مادة حقوق الانسان في النقط التالية:
حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها.
حق العيش في سلام.
حق اختيار نوع التنمية والنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
حق كل دولة في ممارسة السيادة الدائمة على ثرواتها ومواردها الطبيعية ونشاطها الاقتصادي.
حق الشعوب في المساهمة على اساس المساواة، في منهج اتخاذ القرارات المتعلقة بالاقتصاد الدولي والتنمية والسلم.
حق الشعوب في التعايش السلمي الفعلي.
وطبيعة هذا الحق القانونية تتجلى في كونه عبارة عن عدة قواعد منبثقة عن القانون الدولي تلقى التزامات على عاتق الدول، محتواها التضامن المتبادل بينها في سبيل تكوين مجتمع دولي عادل.
***
بالنسبة للافراد:
كما ان حق التنمية في بعده الفردي الذي يرمي الى تنمية كاملة للفرد، يعتبر ايضا تركيبا لجميع حقوق الانسان، فيشمل حق الحياة، والحرية والصحة، والتعليم وغيرها.

وقد حدد الكاتب العام لهيئة الامم المتحدة في تقرير له المبادئ التي تصلح كاسس لمفهوم التنمية كما يلي :
أ‌- ان يعتبر الكائن البشري هدفا اساسيا للتنمية، مع الاخذ بعين الاعتبار تفتحه في انسجام مع مجتمعه.
ب‌- ان يعتبر الانسان سببا للتنمية لا موضوعا لها.
ج- اشباع الحاجات الاساسية للفرد، المادية منها وغير المادية.
د- اعتبار احترام حقوق الانسان عنصرا اساسيا في مناهج التنمية.
هـ- تمكين الفرد من المشاركة الكاملة في نسق التنمية، من اجل تحقيق ذاته.
و- اعمال مبدأي المساواة وعدم التمييز.
ز- ان يعتبر تحقيق استقلال الفرد والجماعة جزء لا يتجزا من العناصر المتخذة في مناهج التنمية.

ويستمد حق التنمية الفردي طبيعته القانونية، من كونه حقا من الحقوق المعترف بها من طرف هيئة الامم المتحدة يضع الفرد تحت سلطة وحماية القانون الدولي بوضعه التزامات على عاتق الدولة لفائدة مواطنيها.
وفي هذا الصدد فقد اقرت ندوة دكار لسنة 1978 مبدا مقتضاه: "ان تنفيذ الالتزام بضمان التنمية شرط لمشروعية الحكومة".

وهذا يبين ايضا الى أي مدى تقوم علاقة عميقة بين مختلف حقوق الانسان وحق التنمية الى درجة ان احد الحائزين على جائزة نوبل للسلام حدد: " بان هناك رابطا مؤكدا بين طفل يموت من الجوع بين يدي امه ورجل يموت من التعذيب".
***
القسم الثاني:
العلاقة بين حقوق الانسان وحق التنمية
ان الروابط الاساسية الموجودة بين حقوق الانسان وحق التنمية محددة بوضوح في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وذلك بتاكيده في الديباجة على ما يلي:
" ولما كان تناسي حقوق الانسان وازدراؤها قد افضيا الى اعمال همجية آذت الضمير الانساني وكان غاية ما يرنو اليه عامة البشر هو انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة".
فالربط هنا قائم في مستوى المطامح الانسانية منذ فجر اعلان حقوق الانسان من اجل انبثاق عالم جديد.

وفي مستوى العزم على اتخاذ اجراءات لتحقيق هذه المطامح، برزت هذه العلاقة ايضا في نفس الديباجة بقولها:
" ولما كانت الشعوب الامم المتحدة قد اكدت في الميثاق من جديد ايمانها بحقوق الانسان الاساسية وبكرامة الفرد، وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية".
" وحزمت امرها ان تدفع بالرقي الاجتماعي قدما، وان ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية افسح".
كما ان المؤسسات المتخصصة التابعة لهيئة الامم المتحدة دققت هذا الترابط بقولها:
" ان تمتع فعلي بالحقوق المدنية والسياسية مرتهن ارتهانا صميما بالتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وان هناك رابطة عميقة بين اعمال حقوق الانسان وبين التنمية الاقتصادية".

وبقولها:
" ان الاغلبية الساحقة من بني الانسان لا تزال تعيش في الفقر وتعاني من البؤس والمرض والجهل، وبذلك تحيا حياة دون حياة البشر، تشكل في حد ذاتها هدرا لكرامة الانسان".

ويتجلى هذا التمايز بين المجموعتين من الحقوق الاقتصادية من جهة والسياسية والمدنية من جهة اخرى، في الوسائل المتخذة من اجل تطبيق كل منهما. وهكذا فانه بينما يقتضي اعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تظافر كل الثروات واحداث بعض التغييرات في الهياكل والمؤسسات في كل دولة على حدة، فان على الدولة المصادقة على العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ان تلتزم فقط باحترام مقتضياته.
كما يظهر هذا التمايز في مستوى بيان كنه هذه الحقوق، والاجراءات الواجب اتخاذها من اجل ضمان فعالية احسن عند التطبيق.

وفعلا، فهناك من ينظر الى الحقوق الاقتصادية على انها مجرد مطامح ومثاليات بالمقارنة مع حقوق الانسان التقليدية. لكن يجدر التذكير بالقواعد الهامة التي سنتها المنظمة الدولية للشغل، واشغال منظمة اليونسكو، والمسطرات المحددة في العهدين الاقتصادي والسياسي، والبروتوكول الاختياري التي تعتبر كلها ضوابط عملية لمراقبة تطبيق هذه الحقوق.

والجدير بالذكر في هذا الصدد ان هيئة الامم المتحدة والمؤسسات التابعة لها وخاصة لجنة حقوق الانسان مستمرة في البحث وتعميق دراسة هذه التحديدات والاجراءات، فقد جاء على سبيل المثال في المقرر الصادر عن ندوة طهران لسنة 1968 طرح هذه المحددات قصد دراستها كما يلي :
ما هو الحد الادنى من العناصر الضرورية الواجب ادخالها في التشريعات الوطنية، من اجل ضمان تطبيق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واعتبارها كحق من حقوق الانسان.
ما هو المقياس الذي يجب ان تعتمده الحكومات في تسخير الثروات في سبيل تمتع الافراد بمختلف الحقوق؟
ما هو نظام المراقبة الممكن اقامته على الصعيد الوطني والجهوي من اجل انعاش حقوق الانسان؟
ما هي امكانية الطعن على المستوى الوطني والجهوي من اجل ضمان التمتع بهذه الحقوق؟
ما هو التصرف الواجب القيام به عند خرق حق من حقوق الانسان؟

اعمال حق دون اخر:
ان التاكيد على الترابط المتبادل وعدم قابلية التجزئة للمجموعتين من الحقوق لا يعني ان ليس هناك اختلاف بينهما. وتكمن الصعوبة في تقدير اهمية هذه الاختلافات واثرها على اعمال هذه الحقوق. وهكذا تميل كثير من الدول الى اتخاذ اجراءات سياسية عامة تقتضي التراجع عن بعض الحقوق قصد الوصول الى حقوق اخرى، كالتضحية مثلا بالعطلة المؤدى عنها، والتخلي عن توفير ظروف حسنة للعمل باعتبارها ترفيها يمكن تجاوزه امام استفحال البطالة.

ان هذا المنطق ينتهي بسهولة الى نشر الاضطراب في كثير من الحالات ويؤدي الى التمادي في خرق حقوق اخرى، كالاجبار على العمل بالقوة مثلا وتشغيل الاطفال.

1) حق التنمية والديمقراطية:
كما ان هناك اعتقادا شائعا مفاده بان الديمقراطية لا تصلح للدول التي في طريق النمو، لانها تحشر الجماهير العريضة في النظام السياسي وتزيد من كميات مطالبها وتؤدي الى الشغب وعدم الاستقرار، مما يضعف من امكانية اقامة نظام سياسي قوي ضروري لضمان تحقيق التنمية.

ان ما يمكن الاعتراض عليه في هذا الاعتقاد هو انه في كثير من الاحيان تصبح الاهداف المحددة من مثل الانضباط والنظام والاستقرار وحكومة قوية تصبح قيما خاصة تسعى الحكومة للوصول اليها على حساب حقوق الانسان.

وفعلا، فان الانضباط مثلا يمكن ان يستعمل ذريعة لاضفاء الشرعية على اساليب الهدف الوحيد منها هو البقاء في الحكم، كما انه لا يلتفت غالبا الى المخاطر التي تكونها الحكومات القوية، ولا الى الفوضى التي تنتج عن العنف الرسمي. ان النظام السياسي مفهوم غير محايد، انه غالبا ما ينسب مسؤولية الفوضى الى الضعفاء الذين يقفون في وجه الحكام.

ان القول بان اشباع الحاجات الاقتصادية والاجتماعية، والخروج من حالة التخلف يمكن ان يتم بسرعة وبفعالية اكثر اذا وقع التخلي مؤقتا عن ابهة الديمقراطية هو قول يعتمد منطقا يتغافل عن الجواب على الاسئلة التالية:
ما هي الحاجات الاقتصادية والاجتماعية الواجب اخذها بعين الاعتبار؟ وما هي الحاجات التي يمكن تجاهلها؟
ما هي الحقوق المدنية والسياسية التي سوف يوقف العمل بها؟ وكيف يمكن التمتع حينئذ بالحقوق الاخرى؟
بدون " أبهة الديمقراطية" من يقرر فيما يتعلق بالحاجات المرغوب اشباعها والاسبقيات التي يجب اتباعها؟
وبما ان السكان لا يمكن ان يساهموا في اتخاذ القرارات هل يمكن الحصول على مساهمتهم عند التطبيق؟
في أي وقت وبمبادرة من يمكن توقيف عدم الاعمال "المؤقت" بالحقوق المدنية والسياسية؟

2) حق التنمية والعصرنة:
وكذلك فان ضرورة الاخذ باساليب العصرنة في نظام الدولة غالبا ما يتخذ ذريعة لفرض سياسات ثقافية واجتماعية غير ملائمة تستفيد منها النخبة من السكان الحضريين على حساب البوادي وهذا يعارض مضمون التنمية.

3) حق التنمية ومفهوم بناء الوطنية:
غالبا ما يستعمل مفهوم بناء الوطن " كمبرر لاضفاء المشروعية على عدم احترام حقوق الانسان وفعلا، فان بناء الدولة مشكل موضوع بالحاح على كثير من الدول النامية التي تواجه مشاكل عويصة يطرحها الفقر والارث الاستعماري والموارد المحدودة والضغط الديمغرافي وتهديدات السيادة والوحدة الوطنية ووضعية جغرافية غير مفيدة ومحاولات انقلابية داخلية … ان اهمية هذه المشاكل غالبا ما تدفع بعض الحكام الى اتخاذ شبح تهديد الامن والاستقرار مبررا لاتخاذ تدابير العنف التي تضرب في الصميم حقوق الانسان الاساسية.

والحقيقة ان المجتمع الانساني الذي من طبيعته تنوع وتعدد الاتجاهات تتوفر له حظوظ اكثر للانسجام والاستقرار باقامة نظام سياسي متفتح.
ولذلك فان المبادئ الاساسية لهيئة الامم المتحدة تقتضي في هذا المجال اقامة توازن بكل عناية بين التنمية، التي ينبغي ان تتجنب التعميم الحاسم، آخذة بعين الاعتبار في نفس الوقت احترام حقوق الانسان، والدور الهام الذي يلعبه الاستقرار والنظام في تسهيل اعمال هذه الحقوق.

4) حق التنمية والنمو الاقتصادي السريع :
ان هناك من يتمسك بمجموعة من المؤيدات الاقتصادية لتبرير اعطاء الاسبقية للنمو الاقتصادي على حساب حقوق الانسان، واهمها تلك القائلة بان هذه التنازلات في اعمال الحقوق لا تكون الا لفترة محدودة، وانه لا مندوحة من وجود تعارض بين نمو سريع وتوزيع عادل للدخل، لكن يجدر التاكيد على ان التوزيع العادل للدخل هو شرط اولي للتمتع بحق التنمية، وبما ان اساليب توزيع الدخل لا يمكن فصلها عن اساليب توزيع السلطة الاجتماعية والسياسية والثقافية، فان هذه التنازلات قد تصبح ذات طابع هام ودائم.
ان القائلين بهذه النظرية ينسون ان اصحاب الدخل المرتفع بالدول النامية غالبا ما يفضلون القيام بنفقات تفاخرية بدل اللجوء الى التوفير، فلا يعطون اية اهمية لقيمة التوفير في نسق التنمية العصرية، ان مؤيدي وجهة نظر هذه، يتجاهلون واقعة نزوح التوفير الفردي الى الابناك السويسرية في حسابات خاصة بدلا من استثمارها داخل الوطن.
ان التجربة المرة التي مرت بها بعض الدول بينت، ان الاخذ المؤقت بعدم المساواة، بدعوى دعم مجهود النمو الاقتصادي، يصبح فيما بعد عائقا هاما امام تطبيق سياسة عادلة للتنمية.

5) حق التنمية وحالة التخلف:
ان استمرار وجود حالة التخلف في العالم، التي يفتقر فيها الانسان الى ما يكفيه من الغذاء والماء واللباس والسكن والدواء …. تخدش كرامة الانسان وتكون خرقا فاضحا لحقوق الانسان ؟
فهل يصبح اعمال هذه الوضعية القول بان التخلف يعتبر حالة الطوارئ يبرر عدم آمال حقوق الانسان ؟

ان ذلك يعارض نص وروح المواثيق والعهود الصادرة عن هيئة الامم المتحدة، ويخالف اولويات حق التنمية التي تعتبر حالة الطوارئ هي تلك الحالة التي تصبح فيها حياة الامة مهددة.
ان المادة 21 من العهد السياسي تعتبر ان هناك مجال لوضع بعض القيود على ممارسة بعض الحقوق بما تستوجبه في مجتمع ديمقراطي مصلحة الامن الوطني والسلامة العامة او النظام العام او الحماية الصحة العامة والاخلاق او حماية الاخرين وحرياتهم.
على انه يجب ان تعتبر هذه الاجراءات خارقة للعادة وذات طابع مؤقت ولا يمكن استمرارها الا اذا كانت الدولة فعلا مهددة.

ومع ذلك فان ادوات هيئة الامم المتحدة لم تسمح بخرق الحقوق الاساسية حتى في حالة الطوارئ واستثنت حقوقا مثل الحق في الحياة، الحق بالاعتراف بالشخص امام القانون الى غيره من الحقوق.
ان الرغبة في الخروج من التخلف عادة ما تدفع الى الميل وباهمال اشباع الحاجات الاساسية للمواطن على اساس ان النفقات الاجتماعية المرصدة لاشباع هذه الحاجات تعتبر غير منتجة، والحقيقة ان هذه النفقات تكون استثمار جيد للراسمال الانساني الذي يعتبر عنصر ضروري، ومنتج بدرجة عالية في الميدان الاقتصادي، وهذه هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على مستوى جيد للتقدم الاجتماعي على المستوى البعيد. ثم ان الوعي المتنامي لدى السكان بدور اشباع هذه الحاجات الاساسية يمكنهم من ان يؤثروا على زيادة انتاجية الافراد الاميين مثلا.
ان التنمية الفعلية لا تقتضي فحسب التخلي عن العنف، ولكن تستلزم ايضا خلق بيئة من شانها ان تحرر وتوجه الطاقة الابداعية للجماهير وتنعش حماسهم.

العلاقة بين حق التنمية وبعض حقوق الانسان:
1) الحق في السلامة الشخصية:
الا ان اتباع سياسة تنمية مبنية على استعمال العنف يحتم بالتاكيد تحمل تكلفة عالية، ذلك انه يتعاظم شان هذا المنهج فتزداد درجة العنف الى ان تتمكن من القضاء على كل معارضة سياسية فعلية.
وهذا النسق مرتفع التكلفة لانه يقتضي غالبا اقامة مصالح هامة للامن الداخلي بما يتبعه من خلق شبكات للاستخبارات التي تمتد الى كل قطاعات المجتمع.

ان التكلفة التكنولوجية والبيروقراطية والمالية لهذا النظام، بقطع النظر عن اثارها الاجتماعية، تصبح عرقلة هامة تخرب مجهودات التنمية.
ثم ان كل معارضة سياسية فعلية تميل عند قمعها الى اتباع طرق اخرى للوصول الى اهدافها، ومنها اللجوء الى العنف بجميع انواعه، وهذا ما توقعته بدقة ديباجة الاعلان العالمي لحقوق الانسان بقولها :
" ولما كان من الضروري ان يتولى القانون حماية حقوق الانسان لكي لا يضطر المرء آخر الامر الى التمرد على الاستبداد والظلم".

وقد علقت على هذه الفقرة اللجنة ما بين الامريكية لحقوق الانسان في تقرير لها سنة 1980 بقولها:
" ان العلاقة بين خرق حق سلامة الشخص من جهة، وعدم توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وكذا انعدام المشاركة السياسية، من جهة اخرى، ان هذه العلاقة في معظمها علاقة سببية".
" وبعبارة اخرى، ان عدم احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، خصوصا عند انعدام المشاركة السياسية، تؤدي الى ذلك النوع من الاستقطاب الاجتماعي الذي ينتج عنه تصرفات ارهابية لفائدة الحكومة او ضدها…".
ويظهر اثر التكلفة الحالية لسياسات العنف ايضا في التصاميم الاقتصادية التي يقيمها حكام معزولون عن الشعب، اعتمادا على اخبار ومعلومات، واحيانا مغرضة مما يجعلها بعيدة عن الدقة والصلاحية اللازمة.
كما ان استعمال العنف بواسطة الانقلابات غالبا ما يؤثر على استقلال الجامعة، ويشل قدرتها على المساهمة في التنمية، ويؤدي الى هجرة الادمغة من علماء وفنانين وكتاب ومختلف الموهوبين …

2) الحق في السلم:
اما على الصعيد الدولي، فان حق التنمية لا يدعم فقط الحقوق المدنية والسياسية ولكنه الى جانب ذلك يحافظ على السلم.
ان ربع سكان المعمور تقريبا (850 مليون نسمة) يعيشون في حالة فقر مطلق، لا يمكنهم حسب النظام الاقتصادي العالمي الحالي الخروج منه. وان 300 مليون نسمة تعيش في بطالة دائمة. وان 600 مليون لا زالوا اميين، وان 700 مليون نسمة يعيشون على تغذية سيئة، وان مليار و200 مليون نسمة من البشر يقضون حياتهم بدون ماء صالح للشرب ولا تجهيز صحي للسكنى.

انه في هذه القساوة الفظيعة لظروف حياة الانسان في الدول المتخلفة تكمن الصفات الاساسية لحق التنمية.
وان هذه الحالة هي التي تقيم الهوة بين هذه الدول والدول المتقدمة صناعيا والتي تزيد باطراد، يصاحبها تدهور مستمر للحالة الاقتصادية والاجتماعية.

وهكذا فان انتاج الفرد الواحد في الدول المتخلفة عموما قل بنسبة 11% منذ سنة 1980، وان نسبة الجوع المطلق ارتفعت في نفس المدة بـ 20%.
وان وفيات الاطفال كانت قبل 10 سنوات تزيد عنها في الدول المتقدمة بنسبة 50% واصبحت الان تزيد عنها بنسبة 100%.
وان عدد اللاجئين في افريقيا تضاعف خمس مرات خلال ربع قرن واصبح الان 2,5 مليون نسمة.

ان هذه الحالة ناتجة عن اختلال كبير في التوازن مرتبط بالهيكلة الاقتصادية والاجتماعية للدول، لذلك يتعين تناول العلاقات الدولية بشكل جديد يتناول مختلف المشاكل بطريقة شاملة وفي ترابط اكثر شدة، باعتبار ان نماء الدول المتقدمة ذو علاقة متينة بنمو الدول المتخلفة.

ان وسائل الاستغلال، والعنف والتمييز، والاستعمار بنوعيه، والعنصرية والفصل العنصري، والاضطهاد الديني، كلها تصرفات يجمع بينها قاسم مشترك هو استعمال العنف الذي يؤدي بالضرورة الى رد فعل قوي من طرف المظلومين، مما يمس بالتنمية في حد ذاتها، ويهدد السلم.
لذا يتعين فهم التعايش السلمي على انه بقدر ما يؤدي الى الحفاظ على السلم العالمي فانه يجب ان يؤدي الى انعاش احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية.

ان العلاقة المتبادلة القائمة بين حقوق الانسان والسلم وحق التنمية تمس القضايا التالية:
ما هي القواعد المتعلقة بحقوق الانسان التي تمس السلم؟
كيف تؤدي السياسات والاستراتيجيات الموجهة نحو تحقيق حقوق الانسان الى الاسراع بتحقيق التنمية والسلم العالميين؟
ما هو اثر اساليب العنف (السلاح النووي، التسابق نحو التسلح دولة الامن الوطني) على حقوق الانسان وحق التنمية؟
ما هي العلاقة بين القواعد الدولية لحقوق الانسان وحالات الصراع المسلح بين الدول؟
كيف يمكن ان تساهم الاموال الناتجة نزع السلاح في تحقيق حقوق الانسان وخاصة الاساسية منها كحق العمل والصحة والتعليم …؟
ما هو الشكل الذي يكون عليه الميثاق الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتصريح المتعلق بالتقدم والتنمية في الميدان الاجتماعي، بالنسبة للاستراتيجيات العالمية للتنمية واقامة نظام اقتصادي عالمي جديد؟
الى أي حد اخذت الاستراتيجيات العالمية الثلاث للتنمية بعين الاعتبار القضايا المتعلقة بحقوق الانسان؟
كيف يمكن الناحية العملية تطبيق حق التنمية؟

ان الرابط الاساسي بين حقوق الانسان وحق التنمية والسلم هو الحق في الحياة وبما ان الحياة هي الشرط الاول للتمتع بجميع حقوق الانسان الاخرى فان الاسبقية واجبة لهذا الحق قبل غيره من الحقوق (المادة الثالثة من الاعلان) مما يجعل الحرب مستحيلة الوقوع، ويضمن انتشار السلام على ظهر البسيطة.

ان السلم ليس مجرد معاينة تشهد بعدم وجود حرب، لكنه مفهوم ايجابي يقتضي العلاقات السلمية لحسن الجوار، والتعاون بين الدول والتضامن والتكافل بين المواطنين داخل الدولة الواحدة، انه موقف نفسي يقتضي التعاون من اجل تحقيق المصلحة المتبادلة للطرفين ويستلزم الرغبة في حل جميع المشاكل مهما بلغت درجة خطورتها وتعقدها في اطار جو سلمي حر من كل تاثير خارجي، وبدون حقد او قساوة.
ان للسلم تاثيرا ايجابيا على التنمية اذا كان المقصود بالسلم الانسجام بين الدول وبعبارة اخرى، ان غياب عدم المساواة والتقليل من غلواء التسلح، وزوال اسلوب التهديد في التعامل الدولي، ان ذلك يساعد على ازدهار التنمية:
وفعلا فان كل دولة سوف تتوفر لها حينئذ الظروف الضرورية لاستغلال مواردها واستعمال كل طاقات شعوبها في الخلق والانتاج، مما يؤدي الى نمو هذه الموارد وتوزيع لها اكثر عدالة، واشاعة الانسجام بين اعضائها، وقيام تعبئة اجتماعية لفائدة التقدم.

وعلى العكس من ذلك، فانه اذا كان السلم قائما على الردع والتمادي في التهديد من اجل الحفاظ على النظام القائم بكل ما فيه من مظالم، فان ذلك لا يساعد على التنمية، وانما يجر لانفاق موارد جديدة لتحقيق اهداف عسكرية، والى القيام بالعنف داخليا، والى ضرب الانسجام الوطني في الصميم، كما يقوم ذلك كله في وجه اعادة توزيع جديد للثروات مما يبعد كل مشاركة مفيدة للسكان ويعوق التعبئة من اجل اهداف مدنية خلاقة.

3) الحق في المشاركة:
ان الهدف النهائي للتنمية هو الارتفاع المستمر لرغد العيش بالنسبة لكافة السكان على اساس مشاركتهم الكاملة في نسق التنمية وتوزيع عادل للخيرات الناجمة عنها.
ومشاركة المواطن في ادارة الشؤون العامة لبلاده حق من حقوق الانسان المصرح بها في الاعلان والمؤكدة في العهد السياسي، كما انها احد العناصر الاساسية المكونة لحق التنمية.

ان المشاركة ليست غاية في حد ذاتها فقط، ولكنها ايضا وسيلة لضمان تمتع كامل لحقوق الانسان، ذلك ان مفهوم حقوق الانسان يعطي لسياسة المشاركة قاعدة موضوعية معترف بها دوليا، ثم ان احترام الحقوق المدنية والسياسية بصفة خاصة، يساهم في ضمان حرية المواطنين في مواجهة كل اسلوب او سياسة تهدد مشاركتهم الفعلية في نهج اتخاذ القرارات.

4) حق التواصل:
الا ان هذه المشاركة تظل عديمة الفعالية اذا لم يتمتع الفرد بحقوق التواصل وتشمل حرية الراي والتعبير.
وتعني هذه المجموعة من الحقوق حق الشخص في المعرفة والبحث فيما يرتئيه من ميادين، وخاصة تلك التي لها علاقة مع حياته وعمله او القرارات الواجب اتخاذها سواء بصفته الشخصية او باعتباره عضوا في المجتمع، كما تعني حق مناقشة الحقيقة ونقلها الى الغير كما يراها عن ظروف حياته ومطامحه وحاجاته ومظالمه ايضا، لان التواصل يقتضي التفتح على الجواب، وعلى التفكير والحوار.

ان هذه الحقوق تكون لها اهمية اساسية من اجل انعاش حق التنمية على المستوى الوطني، فاذا لم يتمكن الاشخاص من معرفة الاخبار التي تهمهم بسهولة ويسر فيما يتعلق مثلا بالقرارات التشريعية والتنظيمية الضرورية، فان افاق ممارستهم لحق التنمية سوف تكون محدودة.

5) حق انخراط في الجمعيات:
ولحق التنمية علاقة وطيدة بحرية الانخراط في الجمعيات من كونه يكتسي اهمية اساسية لا بالنسبة للعمال ومشغليهم في الصناعة ولكن ايضا بالنسبة للجماهير الفقيرة من سكان المدن والبادية.
" انه بواسطة هذه الجمعيات، يقوم السكان المبعدون بتسيير شؤونهم بانفسهم وعن طريقها تسمو ملكة الخلق في ميدان الانتاج التقليدي مثلا، وفي مجال تفتح الشخصية الثقافية، ان الجمعية هي في نفس الوقت وسيلة للتعبير ومؤسسة للتوسط بين الادارة والمواطنين، تساعد على قضاء المصالح الاجتماعية، رغم قلة امكانياتها لاجلاء كل الشدائد، الا ان اشراك هذه الجمعيات مع وجود سياسة بلدية يمكن ان يعتبر بداية للمشاركة".

الاسبقيات في حقوق الانسان:
لكن يتعين الاعتراف بان هذا الترابط المتبادل بين حقوق الانسان وحق التنمية يضع مشاكل ذات طابع عملي تتبين مثلا في التساؤلات التالية:
كيف يمكن تحديد مستوى تنمية ما من اجل التمكن من تحديد الالتزامات التي تقع على عاتقه فيما يتعلق باحترام حقوق الانسان بمقتضى العهد المدني والسياسي؟
الى أي مدى يقدم او يسهل نمط ما من انماط التنمية تحقيق جميع حقوق الانسان، باعتبار ان أي نمط يستلزم اختيارات ؟
كيف يتم الاسراع بالتنمية عند احترام حقوق الانسان ؟
كيف يمكن الحد من اعمال بعض من حقوق الانسان لفائدة التنمية؟ وما هي الطرق الكفيلة بذلك؟ وما هي التحديدات القانونية في هذا الصدد بصفة خاصة؟

ان مفهوم عدم قابلية حقوق الانسان للتجزئة وقيام ترابط متبادل بينها، يظهر لاول وهلة متعارض مع التفريق بين حقوق الانسان من حيث الاهمية.
الا ان مواثيق دولية متعلقة بحقوق الانسان تحدد انه يمكن مواجهة دول ببعض الحقوق الاساسية رغم عدم وجود التزام اتفاقي، او قبول صريح من طرفها.

والحقيقة انه لا مندوحة من اعطاء الاسبقية لبعض الاهداف مثلا بسبب الخصاص في الموارد بالنسبة للدول في طريق النمو.
وفعلا فانه يتعين احيانا القيام بهذا الاختيار الصعب مثلا بين مختلف مستويات التعليم التقني والعام والتنمية بين المدنية والبادية وبين التكوين المهني ووضعية الشغل وبين المناطق الفقيرة، والغنية، بين الحاضر والمستقبل.
وفي الوضع الراهن فان هذه الاسبقيات تحدد غالبا في الدولة اعتبارا لمصالح انانية لنخبة قليلة العدد وقوية السلطان وعلى حساب الفقراء فتختار استيراد سيارات خاصة بدل الزيادة في عدد الحافلات، او تقرر تشييد منشآت ادارية فاخرة بدل القضاء على مدن القصدير، او تشتري جيلا جديدا من الطائرات الحربية بدل اعداد جيل جديد من الاطفال للعيش اكثر من خمس سنوات.

ان اقامة الاسبقيات في مادة التنمية يجب ان يتم على اساس مشاركة كاملة للمعنيين بالامر انفسهم وذلك عند اتخاذ القرارات.
ويتعين الاعتراف بان هناك تنازعا بين الاهداف وبين الوسائل المتخذة لبلوغها ولمواجهة هذا التنازع بصفة حقيقية، يتعين ان نضع امام اعيننا المصالح المتنازع في شانها باعتبار الظروف القائمة وان لا يغيب عن ذهننا الاحترام التام لحقوق الانسان.

ولذلك فانه لا يمكن ان نتبين المشاكل القائمة، عندما ننكر وجود هذا التنازع او نتناول هذه المشاكل من وجهة نظر سياسية مسبقة.
وهكذا يقع على مستوى الدولة ان يكون التنازع بين مختلف الاهداف موضوع مناقشات بدون ان يقع عرضه او مناقشته مناقشة حقيقية فتبقى المشاكل الاصلية قائمة، بل وتزداد خطورة بسبب تطبيق " حلول" غير صالحة اختيرت وطبقت من طرف النخبة.

وعلى المستوى الدولي فان المشاكل قد تعرض بطريقة مبسطة، وتتناول كما لو ان حلها يوجد بكل بساطة في اختيار احسن الاديولوجيات او تبعيات جيوسياسية معينة.
لكن ان مشروعية بعض الاسبقيات لا تعني بان المجهودات الرامية الى انعاش واقامة حقوق الانسان الاخرى يمكن لها ان تتوقف او تعلق. وقد عبرت لجنة من الخبراء لدى منظمة العمل الدولية بما معناه:
ان عجز بعض الحكومات عن الامتناع عن تشغيل الاطفال لاسباب اقتصادية لا يجب ان يكرس هذه الحالة وانما يبقى مشكل تشغيل الاطفال في الدول المعنية قائما بكل ثقله كخرق صريح لحقوق الانسان يتعين معالجته في اسرع الاوقات.
***
الخلاصــــة:
ان حق التنمية يهدف الى اشباع حاجات الانسان الاساسية، في جو يتمتع فيه بجميع الحقوق والحريات المقررة بمقتضى المواثيق الدولية بحيث يستطيع تحقيق ذاته، في انسجام مع المجتمع الذي يعيش فيه.
كما يقتضي هذا الحق بالنسبة للدول والشعوب تمكينها من الاخذ باسباب التنمية في نظام دولي تسود فيه قواعد الانصاف والمساواة بين الدول.
وباعتبار هذا الحق تركيب لكل حقوق الانسان، فان العلاقة القائمة بينهما عبارة عن ترابط عضوي عميق بحيث لا يمكن تصور قيام تمتع فعلي بالحقوق المدنية والسياسية بدون اعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

ومن تم فان قيام نظام ديمقراطي سليم يستجيب لاعمال هذه الحقوق من شانه ان يوفر ظروفا احسن من اجل الانسجام وإذكاء الحماس بين المواطنين وتعبئتهم في سبيل البناء والتقدم.
كما ان شان قيام نظام اقتصادي دولي عادل، ان يساعد على سيادة التضامن والتعاون بين الدول، ويشيع السلم الذي هو المناخ الطبيعي لكل تنمية وتقدم.

المراجــــــع:
1) مجلة اللجنة الدولية للحقوقيين العددان 28-29 يونيو دجنبر82 ص 59.
2) تقرير لجنة الخبراء الحكوميين حول حق التنمية من 2/1 الى 12/3/62 وثيقة هيئة الامم المتحدة 1489/4E/CN .
3) الاعلان العالمي لحقوق الانسان، المعلن عنه في 10/12/1948 الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة
4) الاتفاقية الدولية بشان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي وافقت عليها الجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة في 16/12/1966.
5) الاتفاقية الدولية بشان الحقوق المدنية التي وافقت عليها الجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة في 16/12/1966.
6) البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الذي وافقت عليه الجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة في 16/12/1966.
7) ندوة حول العلاقة بين ح. ل والسلم والتنمية بتاريخ3/12/1981 وثيقة هيئة الامم المتحدة ST/HR/SER.A/10
Cool تقرير حول البناء الاقتصادي والاجتماعي والديمقراطية " ندوة…. ازمة الديمقراطية في الوطن العربي" 5/11/1983 وثيقة مركز الدراسات الوحدة العربية رقم مركز / ح.د 10/11.
9) تقرير لجنة حقوق الانسان عن دورتها 39 لوثيقة هيئة الامم المتحدة 13/1983 E.
10) لقاء باريس اليونسكو 25-26-28/11/1980 حول النظام الاقتصادي الحالي الجديد وثيقة اليونسكو 81/5 ONG/NOEI.
11) الندوة العالمية غير الحكومية من اجل الذكرى 35 للاعلان العالمي لحقوق الانسان تدخل السيـــــد .B.G. Ramcharam.
12) دراسة حول النظام الاقتصادي العالمي الجديد وحماية حقوق الانسان وثيقة هيئة الامم المتحدة 2 21E/CN4/Sub يوليوز82 1. Rev/19/1982.
13) ندوة جنيف 30/6 الى 11/7/1982 حول النظام الاقتصادي العالمي الجديد وثيقة هيئة الامم المتحدة ST/HR/SER.A/8.
14) مجلة الحق الصادرة عن اتحاد المحامين العرب – عدد خاص بحقوق الانسان، السنة 14 العدد الاول والثاني والثالث1982، السنة 11 العدد الاول 1980.
15) حقوق الانسان مجمع للادوات الدولية وثيقة هيئة الامم المتحدة لسنة1978 مرجعها 1ST/HR/I/Rev.
16) مجلة المستقبل العربي الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية الاعداد 4/1984، 6/1984.
17) تقرير البنك العالمي لسنة 1984
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الارتباط العضوي بين حقوق الإنسان وحق التنمية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حقوق الإنسان في الإسلام
» حقوق الإنسان في الإسلام
» ضمانات حقوق الإنسان التي كفلتها الشريعة الإسلامية
» الهوية من الجمود إلى التنمية البشرية
» مواضيع عامة للقضاء ( 1 ) : المال و القضاء رافعتي التنمية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الحوار العام و الترحيب و التعارف :: الحوار الإسلامي و الثقافي و الفكري-
انتقل الى: