حكيم محاور محترف
عدد الرسائل : 613 المدينة : من أجل الانضمام لمجموعة المحاورين القانونيين لمدينتك الكلية : فرصة لتتعارف مع المحاورين القانونيين بكليتك،و لإنشاء فرق بحث و تعاون . التخصص : فرصة للتعرف على الأعضاء ذوو التخصصات المتشابهة . المستوى الحواري : عدد النقاط : 6277 تاريخ التسجيل : 24/11/2007
| موضوع: العولمة والحقوق الإجتماعية والديمقراطية السبت نوفمبر 15, 2008 3:11 pm | |
| العولمة والحقوق الإجتماعية والديمقراطية الحسن سومارى ** تمهيد تتصدر ظاهرة العولمة الاهتمامات وتطغى على الساحة حالياً وهي موضع مشادات واختلافات متعددة، فمنذ مظاهرات "سياتل" خلال مؤتمر منظمة التجارة العالمية في ديسمبر 1999 إلى الاضطرابات التي واكبت قمة مجموعة الدول الصناعية الثمانية في جنوا، ظلت العولمة دائما في صميم اهتمامات وأحاديث الناس، ويلاحظ المتتبع للتعليقات على الأحداث في وقتنا الحالي الاستخدام المتكرر لعبارات "عولمة الاقتصاد" و"المجموعات المناهضة للعولمة" و"انعكاسات العولمة على حياة سكان المعمورة" إلخ. ** فما هي العولمة؟ غالباً ما تركز محاولات وصف أو تعريف العولمة على جانبين رئيسين هما: -إلغاء الحواجز التجارية. -تحرير أسواق المال. وهذا ما يؤكد كون عولمة الاقتصاد التي يفترض أنها انطلقت في العقد الأخير من القرن 20 تشكل الحدث العالمي الأبرز. إلا أن المتتبع لتطور الاقتصاد العالمي منذ الحرب العالمية الأولى يلاحظ أن الظاهرتين المذكورتين غير جديدتين ولا يمكن ربطهما بنهاية القرن العشرين. والواقع أن ظاهرة العولمة كما تشاهدها اليوم ذات أبعاد متشعبة وأغلب الظن أننا لم نحط بعد بملامحها ولا بما تخبئه من انعكاسات على مستقبل البشرية. الأمر يتعلق إذن بمسلسل لا يزال متواصلا وترجع بدايته إلى ما قبل القرن العشرين. فمنذ أن قام تطور الإقتصاد الرأسمالي على تجاوز بل وتحطيم الأطر الضيقة للحدود الإقطاعية وعلى إنشاء الدول ومنذ أن كرست السفن التجارية ربط القارات ببعضها ومكنت من تطوير المبادلات عبر المحيطات مما أقحم كل مناطق المعمورة في إطار التجارة العالمية، فإن ذلك كان بمثابة الانطلاق الفعلي لمسلسل العولمة. وإذا كانت هذه الظاهرة لم تطغ على اهتمامات وأحاديث الناس إلا في نهاية القرن العشرين فذلك لأنها باتت العامل الأبرز الذي يحكم العلاقات في عالمنا وخاصة العلاقات الاقتصادية، وقد تسنى هدا التحول بفعل التطورات التكنولوجية السريعة والكبيرة التي مكنت من تجاوز العقبات التي كانت تعيق نمو المبادلات. **وقد شملت تلك التطورات الجوهرية مجالين رئيسين هما: - النقل بشكل عام والنقل الجوى على وجه الخصوص الذي يمكن الآن من شحن المواد بمختلف أشكالها بما فيها أدوات الإنتاج (المصانع) إلى أي نقطة من المعمورة وذلك من أجل انتقاء مواقع الإنتاج على أساس ما تتيحه من تخفيف للتكاليف أو على أساس قربها من الأسواق التي تصدر لها المواد. -تكنولوجيات الإعلام والاتصال الجديدة وخصوصا منها الشبكات المعلوماتية والانترنت التي أصبحت تتيح إنجاز معاملات مالية منتظمة بين مختلف أسواق المال العالمية. أضف إلى ذلك ما نشاهده من نمو مضطرد للتجارة الإلكترونية عبر شبكات المعلوماتية. إن العولمة في جوهرها هي مسلسل يهدف إلى توحيد العالم في كافة الميادين وخاصة في الميادين الاقتصادية وهو بالتالي يبدو كحتمية قائمة على التطورات العلمية والتكنولوجية المتلاحقة التي شهدت دفعة نوعية وتحولات جذرية في نهاية القرن الأخير. ** التصورات المتداولة حول ظاهرة العولمة هنالك عدة تصورات مختلفة بشأن مسلسل العولمة: -التصور الأول: هو تصور الليبرالية الجديدة الذي يقوم على حرية المبادلات وينبني على فرضية مفادها أن السوق يؤمن أهم فرص النمو الاقتصادي ويضمن توزيع الثروات. وإن هذه النظرية التي ترفض أي تدخل للدولة أو نمو للقطاع العمومي قد تأثرت إلى حد كبير بفعل الأزمة المالية الدولية خلال سنتي 1997 و1998 الناجمة عن إلغاء الرقابة على إجراءات الاستثمار وعلى المبادلات المالية على الصعيد الدولي، ويهدف هذا التصور أساسا إلى تمهيد الطريق أمام كبريات الشركات العالمية من خلال عولمة متحررة من كافة القيود ومن رقابة الحكومات الوطنية، كما أن هذا التصور هو الذي تقوم عليه برامج الإصلاح الهيكلي التي يعتمدها صندوق النقد والبنك الدوليين. -التصور الثاني: هو المعروف بمناهضة العولمة ويركز على معاناة ضحايا العولمة ويتناول ظاهرة العولمة نفسها أكثر مما يتطرق للسياسة التي تعمل على تكريس هذه العولمة بشكل يخدم مصالح الشركات العالمية الكبرى التي همها الأول والوحيد هو تحقيق الأرباح. وإذا كان أصحاب هذه النظرية لم يكونوا أكثرية في صفوف المتظاهرين في "سياتل" و"جنوا" فلقد كان لهم مع ذلك حضور مميز. - التصور الثالث: يطالب بعولمة تسعى إلى تحقيق نمو متوازن لصالح البشرية وتوزيع للثروات مع الدفاع عن الحقوق الاجتماعية للعمال وتطويرها والعمل من أجل القضاء على الفقر وتكريس السلام، ويرفض هذا التصور عولمة لا تسعى إلا لتحقيق الأرباح لصالح الشركات العالمية مما يساهم في اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء ويوطد هيمنة الدول القوية. ويتجسد هذا التصور من خلال المنظمات النقابية الوطنية والدولية كالمؤتمر الدولي للنقابات الحرة والمنظمة الدولية للشغل التي قامت بنشاطات متعددة للدفاع عن الحقوق الاجتماعية للعمال والمعايير الدولية للشغل في اتجاه الحكومات من خلال تحسيسها وكذلك خلال المفاوضات التي تجرى في إطار منظمة التجارة العالمية أو الوكالة متعددة الأطراف الاستثمار. وقد تبنت بعض حكومات الدول النامية هذا التصور ودافعت عنه بشكل خجول خلال اللقاءات الدولية المذكورة أعلاه. ** العولمة والحقوق الإجتماعية من أجل الإحاطة بإشكالية انعكاسات العولمة على حقوق العمال بوجه عام وحقوقهم الاجتماعية على وجه الخصوص وكذلك بالمعايير الدولية للشغل لا بد أولاً أن نبين المكانة التي تحتلها علاقة الشغل بالإنتاج ضمن مسلسل العولمة، ذلك أن عولمة الإنتاج تشكل أحد الجوانب المحورية في عولمة الاقتصاد. والمعروف أنه لغاية سنة 1914 (الحرب العالمية الأولى) كان عامل الشغل ينتقل نحو مراكز الإنتاج الكبيرة في إطار الهجرات المتتالية كما أن الحديث في الفترة اللاحقة من القرن العشرين ولغاية السبعينات كان عن التقسيم الدولي للعمل إلا أننا اليوم نشاهد ظاهرة مغايرة تماما حيث لم يعد الحديث عن التقسيم الدولي للعمل ولاعن وحدات الإنتاج التي يمكن نقلها إلى أي نقطة من المعمورة بما تتطلبه من معدات تضييع وإنتاج بغية مضاعفة الربح بالاقتراب من الأسواق المستهدفة أو اختيار مواقع تتوفر فيها اليد العاملة الرخيصة نتيجة لعدم التقيد بالمعايير والقوانين الدولية للشغل. أما الآن فليس عامل الشغل هو الذي ينتقل على نطاق واسع كما كان في بداية القرن 20 وإنما عامل رأس المال وهذا ما يفسر تقلص الهجرة في اتجاه دول الشمال (الصناعية) مقارنة مع بداية القرن. ومن هنا، من هذا النمط أو هذا الوجه من وجوه العولمة عولمة عامل الشغل تتأتي التأثيرات الكبيرة لعولمة الاقتصاد على الحقوق الاجتماعية للعمال، والجدير بالذكر هنا أن تهافت الشركات العالمية الكبرى وسعيها المستميت إلى تحقيق الأرباح يؤثر سلبا على العمال في الدول النامية وفي الدول الصناعية كما يسهم كذلك في غرس الحقد بينهم. فبالنسبة للدول النامية تتسبب برامج الإصلاح الهيكلي الموضوعة من طرف البنك وصندوق النقد الدوليين في فصل أعداد كبيرة من العمال وفي إبقاء الروابط في مستويات متدنية بالإضافة إلى الخصخصة التي لا تخدم سوى مصالح الشركات العالمية الكبرى. وتتمثل النتيجة المباشرة لتلك السياسات في الفقر الذي تؤول إليه أغلبية العمال. ثم إن الاتفاقيات موضع مفاوضات منظمة التجارة العالمية تهدف أساسا إلى تشجيع المبادلات التجارية الدولية وتقوم على المنافسة التي تخدم القوى في إطار ضبطها بقانون السوق. وبطبيعة الحال فإن تلك القواعد في الأغلب الأعم متنافية مع الحقوق الاجتماعية للعمال والشعوب بشكل عام. ** العولمة والديمقراطية في مجال الديمقراطية فإن العولمة بوصفها ظاهرة ناتجة عن التقدم العلمي والتقني وعن تطور البشرية بشكل عام تفتح الطريق أمام فرص كبيرة لتكريس الديمقراطية. فظاهرة العولمة تقرب الشعوب من بعضها وتلغى الحدود ومن ثم تشجع التطور نحو الديمقراطية خصوصا من خلال حرية تنقل أكبر للأفراد والبضائع؛ كما أن تطور تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة الذي هو أحد أهم جوانب العولمة يتيح فرصا واسعة للإعلام التبادل والاتصال بين الشعوب. وأخيراً فإن وجود منظمات دولية مختلفة كمنظمة الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية ووكالة الاستثمار متعددة الأطراف والمنظمات النقابية الدولية والمنظمات غير الحكومية وتجمعات المنتخبين من كل مناطق العالم بالرغم مما تتعرض له من ضغوط ورقابة من لدن الدول القوية تتيح آفاقا واسعة للتشاور بين حكومات وشعوب العالم. إلا أن هذه الإمكانيات المعتبرة التي تشتمل عيها ظاهرة العولمة تبقى مشلولة لأن هذه الظاهرة موجهة بالأساس من طرف حكومات الدول الصناعية وأوصياؤها أصحاب الشركات الكبرى الذين يسعون للمحافظة على هيمنتهم الحالية على العالم، والتي تتجسد من خلال الهيمنة على منظمة الأمم المتحدة على الخصوص من خلال نظام الفيتو غير العادل بالإضافة إلى الضغوط المتنوعة التي تمارس على الدول الأعضاء. - الهيمنة على النظام المالي من خلال التسيير الأحادي للبنك وصندوق النقد الدوليين. -الرقابة على منظمة التجارة العالمية. -إنشاء مجموعة الدول الثمانية التي تمارس من خلالها الدول الصناعية نفوذها على العالم خارجاً عن المنظمات الدولية رغم هيمنتها على تلك المنظمات. هذا النفوذ وهذه الهيمنة هي التي تفسر إلى حد كبير نقمة الشعوب وتحفظاتها من ظاهرة العولمة بوصفها الضحية الأولى للتسيير الحالي للعولمة من قبل الدول الصناعية. ** الخلاصة إن ظاهرة العولمة التي تجرى أمام أعيننا حاليا تجعل إشكاليتي الحقوق الاجتماعية للعمال والديمقراطية في طليعة الاهتمامات وهما قضيتان مرتبطتان إلى حد كبير. ثم إن السؤال القاتل : كيف سيتم تسيير العولمة بوصفها حتمية يبقى سؤالا جوهريا شئنا ذلك أم أبينا. فهل ستبقى العولمة تسير وتوجه لخدمة المصالح الأنانية لمن يهيمنون على العالم اليوم أم أنها ستتحول لتكون فعلا في خدمة كافة بلدان وشعوب العالم تخدم إسعاد الجميع وتخدم الديمقراطية؟ * هنا يكمن السؤال الجوهري وإن نجاح الخيار الأخير يحظى بفرص لا يستهان بها لأنه أكثر انسجاماً مع التطور الطبيعي للظاهرة نفسها، ولكن هذه الحظوظ لن يكتب لها أن ترى النور دون فهم أعمق لمسلسل العولمة وتنسيق أنجع لجهود الشعوب من خلال منظماتها المختلفة ودون الدفاع عن مصالحها وأخذها في الحسبان من طريق ممثليها لدى المنظمات التي لا تخضع لهيمنة مطلقة من الدول الصناعية تسخرها لخدمة مصالح الشركات الكبرى
منقـــــــــــــــــــول للفائدة
| |
|
nadia aarab محاور جديد
عدد الرسائل : 4 المدينة : من أجل الانضمام لمجموعة المحاورين القانونيين لمدينتك الكلية : فرصة لتتعارف مع المحاورين القانونيين بكليتك،و لإنشاء فرق بحث و تعاون . التخصص : فرصة للتعرف على الأعضاء ذوو التخصصات المتشابهة . المستوى الحواري : عدد النقاط : 6016 تاريخ التسجيل : 06/06/2008
| موضوع: رد: العولمة والحقوق الإجتماعية والديمقراطية السبت نوفمبر 15, 2008 4:12 pm | |
| دعني اقول لك سيدي المقتدر بانه لي الشرف في زيارة مواضيعك القيمة و التعليق عليها و لي الشرف الاكبر في الانضمام الى هذا المنتدى الراقي عن كل الاوصاف التي يمكننا ان ننسبها له فلك الشكر على ما تبذله من اجل الارتقاء بهذا المنتدى و نحن بدورنا سوف نبذل قصارى جهدنا لكي نصل بمنتدانا الى القمة ان شاء الله
احتراماتي | |
|