السلام عليكم ورحمة الله
الإنترنت ، العولمة، المثقف المغربي...ثلاث كلمات مفاتيح تنتج أخيرا " التحديات".التحديات التي يواجهها كل مثقف واع بدوره وقيادتيه للمجتمع الإنساني. إلى أي حد استطاع المثقف المغربي أن يستفيد من الطفرة التكنلوجية و العلمية التي شهدها العالم ؟وكيف تحررت العولمة ؟ ثم إلى أي مدى كان الإنترنت البديل الجيد للكتاب الورقي؟و ماذا ألغت الرقمية و بأي فخ جاءت العولمة؟ هذه الأسئلة و غيرها طرحناها على عدد من المثقفين المغاربة الذين أظهروا أنهم فعلا يواجهون مختلف التحديات فكانت هذه آراءهم :
تحرير العولمة
المعتمد الخراز
شاعر من المغرب
لقد استطاعت وسائل الاتصال الحديثة أن تقتحم تفاصيل حياتنا اليومية. إذ أينما وليت وجهك فثمة آية من آياتها. فهل نعرض عنها باعتبارها حَلَم أثداء العولمة المخدِّرة؟ أم نُقبل على استهلاكها بسذاجة وعفوية؟
في تصوري، انه يجب علينا أن نتداولها بدرجة عالية من الوعي، أولا: بالكشف عن روحها، ثم بالانخراط في الثورة العلمية الحديثة، بهدف الانتقال من مرحلة الاستهلاك إلى مرحلة الانتاج، ثانيا: عقلنة استهلاكها بما يخدم هوية ثقافتنا المحلية والوطنية والقومية، بشكل لايتصادم مع قيم الثقافات الكونية الأخرى، بل بما يقيم جسرا للتواصل بينهما، يضمن حق التنوع الثقافي ويعترف بأحقية الوجود والجوار.
وفي هذا السياق، نجد بعض المشاريع التي استفادت من المساحات التي توفرها وسائل الاتصال الحديثة، فأسدت لثقافتنا خدمة جليلة. أذكر على سبيل المثال الموسوعة الشعرية الالكترونية التي أصدرها مجمع أبو ظبي الثقافي ، وموقع جهة الشعر الذي أسسه الشاعر قاسم حداد، وغيرهما من المشاريع الثقافية التي اختارت الإنترنيت بيتا لها...
وفي الختام يمكن أن أقول إنه على المثقف أن ينزل ساحة العولمة ليكون وجها لوجه أمام الاقتصادي والسياسي ... دون أن ينسى دوره الأساس من أجل "تحرير العولمة" كما عبر عن ذلك الدكتور المهدي المنجرة.
ضد التلقي السلبي
عبد العزيز الراشدي
قاص وروائي
هناك تحديات كثيرة يواجهها المثقف في زمن العولمة،حيث لم يعد الكتاب،بما هو الصيغة المنقحة والهادئة للفكر،عنصرا أساسيا في تشكيل الرؤية..لقد غدت الصورة،البعد الأساسي،هاته التي قوامها السرعة والمفاجأة ،وهي عنصر لا تساهم في تأسيس فكر يتأمل كالسابق.لقد ساهمت العولمة،التي تستند في بعدها الاقتصادي على هيمنة الشركات المتعددة الجنسيات،في تحقير الكتاب،ووضعه في
الزاوية،وهو السلاح الأساسي للمثقف ويبقى السؤال هو ،ما السبيل الأساسي للخروج من المأزق واستثمار العناصر السلبية من اجل مواجهة هيمنة ثقافة الاستهلاك؟أعتقد أن السبيل هو استغلال هذه العناصر من اجل توظيفها لخدمة الثقافة الجادة وذلك بانتاج برامج ثقافية تلفزية ترفع من شأن التلقي الايجابي وتضيف الى صرح التفكير والتأمل لبنات أخر بالاضافة الى توجيه الطفل وهو المستهدف الاساسي الى الانتباه لخطورة التلقي السلبي.
التحدي الرقمي والمثقف المغربي
ابراهيم القهوايجي
ناقد
المثقف المغربي او العربي عموما نوعان: مثقف تقليدي ومثقف عصري اوحداثي،والتقسيم لا علاقة له هنا في تيار الكتابة وطبعتها..انه تقسيم يخص تحديات المثقف المغربي عمومافي عصر العولمة والانترنت..هناك هوة فظيعة يعانيها المثقف المغربي مع الثورة الرقمية خصوصا وان الفرق بيننا كعرب والمنتج الغربي لهذه الثورة عميقة جدا، فمثلا لا تصلنا النظريات الثقافيةوالاختراعات الجديدة الى التربة العربية الا بعد مدة زمنية شبه طويلة ، واذا اضفنا عامل العولمة الذي يفرض انتقا ل القيم والسلع والافكار...الى كل جهات العالم ، وبالتالي هناك تحدي انهيارالخصوصية الثقافية الاسلامية المغربية التي بدأنا نلمس تجلياتها في اوساط الشباب بالخصوص ، ومن هنا على المثقف المغربي الانخراط القوي والايجابي في العولمة والانترنت لانهما ليسا اختيارين وانما هماملح العصر الذي لا يمكن ان نتناول طعامه الا به. من هنا لا بد ان اشير الا ان المثقف المغربي الشبابي الفيناه منخرطا ومتفاعلا مع الثورة الجديدة و لا ادل على ذلك من انشاء المواقع الالكترونية والمنتديات ومجموعات العمل على كل المستويات والمدونات الالكترونية ، والاسماء هنا كثيرة نذكر مثلا محمد اسليم ، يحي اليحياوي ، سعيد بنكراد ، محمد العمري. ، م..بينما يقبع بعض المثقفين المغاربة او ما اسميهم بمثقفي الستينات والسبعينات رغم ريادتهم في مجالات ثقافية معروفة. انحسر اشعاعهم الثقافي واقتصر على مؤلفاتهم ونشر انتاجاتهم بالملاحق الثقافية والانشطة الثقافية هنا وهناك ، بل ان بعضهم يتحامل على اتحاد كتاب الانترنت العرب..التي ربما يرى فيه قرب انهيار تراكمه الرمزي في واقع افتراضي بامتياز. ان المثقف المغربي عليه رفع جميع التحديات المرتبطة بالعولمة والثورة الرقمية ان هو اراد ان يجد موقع قدم في هذا العصر الرقمي الذي تغير ت فيه المعطيات ، فالان نحن نتكلم عن الزمن الافتراضي والمكان الرقمي والرواية الواقعية الرقمية ...الى غيرذلك من المفاهيم التي جاءت نتيجة الجرافة الرقمية التي لا تبقيولا تدر..لتتحول الحياةالى طبعة رقمية بامتياز.
الانترنت البديل "الغير الطبيعي" للكتاب
حسن أشرف
كاتب قصة
في رأيي، لقد أصبحت المعرفة هي المعنى الكوني لحركة الإنسان في الحياة.. ومن أصناف المعرفة التي طفقت تتزاحم على باب المثقف كل يوم وكل حين معرفة التكنولوجيا والإعلام من أنترنيت وغيرها مما جادت به العولمة "التكنولوجية" الحديثة.
لكن هل الانترنت مثلا أتى للمثقف بأشياء جديدة؟ هل استفاد منها المثقف؟
طبعا، لا يمكن إنكار دور الانترنت والعولمة الثقافية في إحداث تقريب بين الأفكار والاتصال بين مختلف المثقفين و والأدباء في العالم حتى صار الأديب أو المثقف في السعودية إذا ما أصابه الزكام وعطس، شمته المثقف في المغرب.. أقصد تضاءلت المسافات بشكل مهولن وهذا لعمري في صالح الثقافة والمثقف. إنه أمر لا يتنازع حوله إثنان..
لكن، ليس الانترنت خيرا كله على المثقف.. فمن سلبياته الكبرى خلقه لجو من التكاسل المعرفي لدى المفكر والمثقف، إذ صار الانترنت البديل "الغير الطبيعي" للكتاب، فتوفى زمن الكتاب وصارت ذكراه من ذكرى الأموات.. والمثقف في رأيي بدون كتاب لا يعتبر مثقفا أصيلا.. وهذه الفجوة المعرفية إن صح تعبيري هذا خلقت رجة عنيفة بين المثقف ومتلقي فكره وإنتاجه..
هذه بضع تحديات أقدر أنها حدثت بسبب الانترنت نموذجا لثورة المعلومات والعولمة على المثقف بشكل عام.
الرقمية الغت الحدود افتراضيا فقط!
فاطمة بوزيان
كاتبة
اظن ان الحديث عن التحديات التي تواجه المثقف المغربي تعني بشكل اخر الحديث عن الاشكاليات التي تطرحها علينا العولمة والثورة الرقمية ان المثقف المغربي بصفته منتجا للفكروللقيم الجمالية والابداعية يجد نفسه بحكم هويته المغربية وثقافته غير قادر على الحفاظ عن هويته في مواجهة الهيمنة وفي نفس الوقت غير قادر على الانصهار في المحيط المعولم بسبب الفجوة الرقمية والاقتصادية ،ان ثقافته ينظر اليها في العمق كثقافة فلكلورية وهو حين يكتب بلغة اخرى يعامل كوافد لايحوز الاعتراف الا اذا عزف على الوتر المرغوب فيه وبالنغمة المرادة وليس صدفة ان تشهد سنة 2005 موافقة منظمة اليونسكو على اتفاقية حماية وتعزيز التنوع الثقافي، بسبب الاستنساخ الذي اصبحت تنخرط في سياقه الثقافات، والانقراض الذي تشهده اللغات المحلية في ظل العولمة والهيمنة الامريكية، فهناك دراسات تحدد أن 90% من لغات العالم سوف تختفي في القرن القادم،وليس غريبا ان امريكا عارضت الاتفاقية بدعوى انها تُقيد اتفاقية التجارة الحرة وتدفق الأفكار وبها عيوب كثيرة لاتتوافق وواجب اليونيسكو الدستوري لتشجيع التدفق الحر للأفكار عن طريق الكلمة والصورة واذا كانت الاتقافية تؤكد على الخطر الحقيقي الذي يهدد التنوع الثقافي فانهاتعكس تنامي الشعور بضرورة التمايز الثقافي والمحافظة على الجذور الحضارية للشعوب، ، وقد شهدت الالفية الجديدة عدة ندوات ونقاشات حول ضرورة حماية الثقافات المحلية من الاستنساخ وفق النموذج الامريكي الواحد، وذهب البعض الى ان الاختلافات الثقافية هي امور حقيقية يجب الانتباه والتعامل معها بحذر لانها اكثر حدة من التمايزات الايدلوجية ويمكن ان تولد نزاعات وتصادمات عنيفة وتؤدي الى تنامي ظاهرة التفجيرات الانتحارية وتطرف الافكار والمذاهب، خاصة وان الثورة الرقمية والشبكة العنكبوتية اعطت الثقل للثقافة الامريكية وايديولوجيتها، ، من هنا نفهم معارضتها للاتفاقية و يصعب الان الفصل بين حدود التعلم وجدلية التاثير والتاثر بين الثقافات وعملية النسخ والاستنساخ الثقافي ولم يعد بوسعنا التفرقة بين التعلم والنسخ واليوم تتعدد الاطروحات التي تفسر مركزية ثقافة الغرب وتحديدا الثقافة الامريكية فاطروحة استعمار الكوكا والماكدونالدز يعتقدو منظريها ان الثقافة الامريكية سوف تهيمن على العالم وان الرموز الثقافية الامريكية الجينز والكوكا والشعر الاشقر ووجبات الهمبوركر ستلقى اقبالا حماسيا من كل شعوب العالم ويذهبون الىالاستدلال بالتحولات التي طالت حتى الشعوب المحافظة والعريقة وذات التوجه الاشتراكي كالحضارة الصينية بقومياتها الكثيرة التي عرفت ثقافتها تصدعات وتداعت تجاه الثقافة الامريكية ولكن معارضوا هذه الاطروحة يؤكدون مع ذلك ان هذه الهيمنة هي شكلية فقط لاتتجاوز مجال الثقافة الاستهلاكية، وان اقبال الصيني مثلا على الكوكا والجينز لايعني انه يتخلى عن التفكير الشرقي وروح الكونفونشو خاصة وان مجالات الثقافة عميقة وغير محصورة فهي تشمل الدين والقيم والاخلاق والعادات ،
ام الاطروحة الثانية ترى ان الثقافات مفتوحةعلى التحديث وان الغرب فقط يقودها الى الحداثة ومن هنا فهذه الثقافات والحضارات الاخرى العربية والهندية والصينية والاسلامية انما نتخرط في الحداثة كما تفتضي صيرورة التحديث وتهجر قيمها التقليدية وان هذا ميل طبيعي الى العصرنة، ولهذا فالنخب المتعلمة هي التي تقبل عليه اكثر لانها تمتلك الوسائل التقنية البارزةوالمعرفية التي تجعلها لا تستطيع إخفاء إخفاق الثقافات المحلية وتعتبر ان الثقافة الغربية تمتلك الكمال الذى أدخله العلم على تقنياتهابحيث يمكننا الوصول إلى نتائج متشابهة فيما يتعلق بعمق ثقافتنا ومطابقتها وانسجامها كلياً مع حياتناحتى من خلال هذه الثقافة الغربية
وفي كلا الاطروحتين نلاحظ نزوع الى ثقافة كونية مهيمنة ليس بالمفهوم القرآني القائم على التثاقف والتعارف وتحاور الافكار بحيث تسود الافكار الصالحة وتدحض غير السليمة والمجدية اعتبار لما يقنضيه الصالح العام والتصور الشمولي للا نسان في علاقته بالانسان وبالكون وبالله
"إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"
ان دخول النزعات الذاتية والعنصرية والمصالح المادية في ترتيب الثقافات هو ما يهدد التنوع الثقافي في عمقه وهو ما يشكل التحدي الاكبر امام المثقف المغربي الذي اصبح يركن الى ذاته امام عجزه عن المواجهة انه يكتب بلغة ويتكلم بلغة اخرى ويفكر بلغة اخرى واذا اراد الاستفادة من الثورة الرقمية والانترينت عليه تعلم لغة اخرى هكذا اذن يعيش التشتت اللغوي والذهني والمرجعي وفاقد الشيء لايعطيه فكيف يكون منسجما وقادرا على ان يشكل القدوة والنموذج ان الرقمية الغت الحدود افتراضيا فقط لكن الحدود السياسية والثقافية والفجوة بين الشمال والجنوب لم تتغير
فخ الأسلبة
لبنى المانوزي
شاعرة
يجب أن نعرف هويتنا الثقافية العربية ومن ثمة نتجاوزها الى الكونية . الصعوبة تكمن في كيف نكون حداثيين دون انفصالنا عن القيم الموروثة. الكاتب العربي يعيش مأزق هوية انفصاما حادا بين الخطاب العام والدات أي كيف يستطيع التوفيق بين مايكتب ويعاش في ظل الضغوط الاجتماعية والسياسية عصر العولمة يتطلب الانفتاح على الأخر وعلى المثقف أن يعي خطورة الوضع أي أن لايقع في فخ الأسلبة العولمة عولمة مادا بالضبط عولمة الانصياع لارادة العنف والظلم علينا أن نواجه هده الصيغة من العولمة وننتصر لعولمة القيم الانسانية بالكلمة الفاعلة الصادقة والنت يساهم في كشف الوجه الحقيقي للانسان المبدع وتبيان موقفه ازاء كل القضايا العالمية
الكتابة عبر وساطة الأنترنت هي تعاط تنقصه الاحترافية
فؤاد أفراس
شاعر و ناقد مغربي
إن انتقال المثقف العربي الى التعاطي الأنترنيتي مع الكتابة و الثقافة هو انتقال لا زال مشوبا بالغموض و الالتباس في ظل أزمة القراءة فيصبح هدا الانتقال قسريا و مفروضا من الخارج أي من طبيعة العصر الدي يشهد انفجارا تكنولوجيا لا يد للمجتمع العربي فيه على اعتبار أنه مستهلك لبضاعة الآخر و فكره و بمعنى آخر فهدا الأنتقال ليس كمثيله عند الغرب الدي يعتبر عاديا و نتاجا لسيرورة تاريخية طبيعية
كما أن تعاطي المثقف العربي مع الثقافة و الكتابة عبر وساطة الأنترنت هو تعاط تنقصه الاحترافية و التنظيم لأنه عبارة عن مجهودات فردية تطوعية في حين أننا نتحدث عن مجال يحتاج إلى تدخل المؤسسات حتى يكتسب تنظيمه و ديمومته و جودته مما فتح المجال للتسيب و الفوضى و التلويح بامتلاك سلطة وهمية مستمدة من امتلاك موقع أو منتدى للنشر من طرف أشباه مثقفين الدين يتوهمون أنهم بدلك يمتلكون رقاب الناس فيختلط الردئ بالجيد و تضيع المسافة بينهما مما قد يخلق حالة نفور عام من هدا النوع من النشر الأنترنيتي إد ليس غريبا أن نشهد بعض التردد و الشك من طرف بعض
المثقفين على ولوج عالم الأنترنت من خلال ابداعاتهم و كتاباتهم
موضوع منقول