المغربي محاور محترف
عدد الرسائل : 166 العمر : 39 المدينة : من أجل الانضمام لمجموعة المحاورين القانونيين لمدينتك الكلية : فرصة لتتعارف مع المحاورين القانونيين بكليتك،و لإنشاء فرق بحث و تعاون . التخصص : فرصة للتعرف على الأعضاء ذوو التخصصات المتشابهة . المستوى الحواري : عدد النقاط : 6178 تاريخ التسجيل : 25/06/2008
| موضوع: قراءة في مشروع قانون رقم06.47 يتعلق بجبايات الجماعات المحلية الأربعاء يونيو 16, 2010 2:39 pm | |
|
[size=12]قراءة في مشروع قانون رقم06.47 يتعلق بجبايات الجماعات المحلية
حفيظ يونسي(طالب باحث في تدبير الادارة المحلية سطات)
منقول للفائدة
تقديم
أصبح دور اللاّمركزية في عصرنا الحاضر يتزايد يوما بعد آخر في البناء الديمقراطي العام للدولة. فتشعب مهام الدولة وتكاثر مسؤولياتها أدى بها إلى ترك جزء من الوظيفة الإدارية والاجتماعية والاقتصادية إلى وحدات إدارية وترابية تعتمد التمثيلية عبر آلة الانتخاب، بحيث يصبح لممثلي السكان اختصاصات موسعة في مختلف المجالات .(1) إن تعدد وازدياد أدوار الجماعات المحلية في كل التجارب التي تأخذ باللاّمركزية أدّى إلى اعتماد آليات مالية مهمة تمكن هذه الجماعات من موارد تستطيع من خلالها القيام بهذه الأدوار، ومن بين أهم هذه الآليات الجبايات المحلية، غير أنه تختلف أدوار الجبايات من دولة إلى أخرى حسب درجة الرقي، ففي الدول النامية غالبا ما تلعب الضريبة الأدوار التالية :
1. هدف تغطية النفقات العامة وبالتالي فهي غير عادلة.
2. ضرائب لم تساهم في التنمية الاقتصادية لأنها اعتمدت المر دودية المالية والإعفاءات غير المحفزة.
وهذه الأدوار بطبيعة الحال تؤثر على حصيلة هذه الجبايات ودورها في التنمية المحلية. والمغرب كغيره من البلدان التي أخذت بنظام اللاّمركزية راكم تجربة مقدرة على هذا المستوى وخصوصا على المستوى الإداري والذي يصاحبه تطور وفعالية على المستوى المالي والتجربة المغربية في الممارسة المالية المحلية في شقها الجبائي تعود إلى مراحل ماقبل الحماية حيث كانت ضرائب دينية وزمنية كانت مجالا للصراع السياسي والاقتصادي بين المخزن وما يسمى" ببلاد السيبة". غير أن النظام الجبائي بمعناه الحديث لم يعرفه المغرب إلاّمع مؤتمر الجزيرة الخضراء لسنة 1906 مجموعة من الضرائب خصوصا الضريبة الحضرية التي أصبحت البلديات تستفيد من جزء منها. أما في عهد الحماية وتطبيقا لبنود معاهدة فاس لسنة 1912 حيث صدر ظهير 27 مارس 1917 الذي أحدث رسوم وضرائب محلية. لكنها لم تف بالغرض ليصدر ظهير 29 دجنبر 1948 ليدخل اصطلاحات عميقة على الجبايات المحلية غير أن الهدف من هذه الإصلاحات كان هو المردودية المالية باعتبار أن هدف المستعمر أساسا الاستغلال بالدرجة الأولى. ومع حصول المغرب على الاستقلال صدر ظهير 23 مارس 1962 الذي أكد في فصله الأول على أن تأسيس كل أداء بلدي يجب أن يتم بموجب ظهير شريف وليسرد بعد ذلك لائحة من الأداءات والضرائب الواجب عرضها كرسم النظافة وأخرى اختيارية كالأداء عن الإغلاق المتأخر. وفي سنة 1978 حاول المشرع فرض ضريبة عقارية لفائدة الجماعات المحلية لكنها اصطدمت بمقاومة لوبي العقار بالمغرب، وصدر قانون 89.30 محكوما بظرفية داخلية وخارجية حدت من دوره في الدفع باللاّمركزية بالمغرب. إن التأمل في تطور النظام الجبائي المحلي من خلال الإصلاحات التي عرفها تمكن من الخروج بخلاصة مفادها أن النظام الجبائي المحلي يعكس توجهات صلاحية وليس توجه واحد هذه التوجهات تتقاسم الموجهات التالية :
1. مركزية دور الدولة في الجانبين الإداري والمالي.
2. التوجه المالي الصرف وغيرالمدمج للشروط الإقتصادية والإجتماعية للجماعات المحلية.
3. هامشية دور الملزم والاختلالات المرتبطة بالإدارة. وسنحاول من خلال هذا البحث المتواضع للاستدلال على حضور هذه المقولات من خلال الوقوف على تحليل المشروع المقترح لإصلاح الجبايات المحلية ومدى قدرته على تجاوز حدود ظهير 1989 وكل ذلك من خلال الإجابة على الإشكال المركزي :
هل الإصلاحات الجبائية المحلية تعكس رؤية استراتيجية للدفع بدور اللاّمركزية في التنمية؟ أم أن الأمر مرتبط بتدبير ازمات عبر اصلاحات سرعان مايتم اعلان افلاسها؟ :
1 . تحديث تدبير النظام الجبائي المحلي من خلال اطار القانوني والبنية الجبائية.
يعتبر النص القانوني محصلة ونتيجة لما يعتمل بالمجتمع وانعكاس للتداخل والصراع الذي يطبع مختلف فئات المجتمع. وبالتالي إلى أي حد يمكن أن يساهم النص القانوني في تحديث تدبير الجبائية المحلية ( الفقرة الأولى ) وماهو انعكاس ذلك على مستوى البنية الجبائية ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى : الإطار القانوني وتحديث التدبير الجبائي المحلي. أهم ميزة ميزت النصوص القانونية المنظمة للمالية المحلية عموما والجبائية المحلية خصوصا تأخرها عن مواكبة الإصلاحات الإدارية التي تعتبر في التجربة المغربية تجربة مقدرة، وهذا التأخر سواء من حيث الفعالية القانونية او من حيث المواكبة والموازاة. إنّ تعدد وتعقد وتشتت النصوص القانونية المنظمة للجباية المحلية تعتبر من أهم مميزات المشروع الحالي رغم أنه سعى إلى تجاوز هذا المشكل من خلال تبسيط قواعد فرض الرسوم والمساطر وقواعد التحصيل وفي عدد الرسوم غير أن المشكل لازال مستمرا، اضافة إلى استمرار تعدد الضرائب والرسوم بحيث تم حذف 9 رسوم وهي ذات مردودية ضعيفة فمثلا كان يمكن دمج رسم النظافة في الضريبة الحضرية لتجاوز تعقدى المساطر في التحصيل والربط والمنازعة. إنّ عجز المنظومة القانونية في التدخل من أجل تضريب قطاعات مهمة يمكن أن يساهم في الرفع من موارد الجماعات المحلية خصوصا قطاعي العقار ونستحضر هنا اصلاح 78 الذي عجزت الدولة في تطبيقه نظرا للحضور القوي للوبي العقار وكذلك الإعفاء المتواصل والمتكرر للقطاع الفلاحي. وهنا لابد من ضرورة فتح نقاش حقيقي حول دور البرلمان في مجال القرض الضريبي. إنّ اشكالية القرض الضريبي هي اشكالية مفروغ منها على اعتبار اختصاص البرلمان في التشريع الضريبي وبالتالي فلا مجال للحديث هنا عن القرض الضريبي من طرف الجماعات المحلية ولكن يمكن الحديث عن امكانية اعطاء الجماعات المحلية حرية في تحديد الأسعار وحتى الإعفاء الضريبي من أجل تشجيع الإستثمار. والملاحظ أنّ المشرّع عمل في المشروع الحالي على تجاوز سلبية عدم الحد الأدنى لبعض الضرائب والرسوم وهذه مسألة ايجابية لتجاوز أي استغلال انتخابي للضريبة. إنّ الإشكاليات المرتبطة بمستوى الإطار القانوني كان من الطبيعي أن تنعكس على مستوى البنية الضريبية ( الفقرة الثانية )
الفقرة الثانية : البنية الضريبية ودورها في تطوير النظام الجبائي المحلي.
يستفيد النظام الجبائي المحلي من ناتج ضريبي متعدد المصدر، لكن المصدر الأساسي يبقى ذلك المرتبط بالضرائب المحولة من طرف الدولة حيث تقدر بأكثر من 70% من مجموع موارد الجماعات المحلية الضريبية، وهذا التوجه المركزي الالحاقي للجماعات المحلية هي ميزة مصاحبة للتوجهات الإصلاحية التي عرفها المغرب منذظهير 27 مارس 1917 مرورا بالقانون 30.89 وانتهاء بمشروع القانون الجديد الذي جاء في ديباجته أن اصلاح الجبايات المحلية يندرج ضمن البرنامج العام لوزارة الدّاخلية(1). من حيث المبدأ فإن الإصلاح لابد أن تكون الدولة كطرف يرعى النقاش وأن يكون القانون نتاج لما يعتمل بالمجتمع وتعبير عن اكراهات وآمال المجتمع والفاعلين فيه. نعم تم توسيع بدمج الجماعات المحلية، ولكن يحق لنا التساؤل هل رأي هذه الجماعات رأي استشاري أم الزامي عند تقديم المشروع في صيغته النهائية للبرلمان. إنّ البنية الضريبية تؤكد صعوبة التحكم في مردوديتها محليا حتى يمكنها أن تقوم بدورها كاملا على المستوى الإقتصادي والإجتماعي وهذا سبب التوجه نحو المردودية المالية في كل الإصلاحات أكثر من البحث عن ادماج هذه الجبايات في التنمية الإقتصادية والإجتماعية ( أنظر نص المشروع ) إنّ التأمل في البنية الجبائية المحلية يثبت أنها بنية تعكس مركزية مفرطة للدولة، وأيضا حضور بعد العبىء الضريبي بحيث إنّ الملزم واحد والضرائب عديدة وكثيرة بين على ملزم واحد مثلا T.V.A وإدارة جبائية واحدة تعرف اشكالات مختلفة ومتعددة.
2 . دور الإدارة والملزم في انجاح أي اصلاح جبائي.
إنّ نجاح أيّ اصلاح جبائي هو رهين بمدى انخراط الملزم ووعيه واقتناعه بكون الضريبة التي يؤديها هي تجسيد لقيم المواطنة، والوصول الى هذا المستوى يحتاج إلى عمل حقيقي (الفقرة الثانية) تلعب فيه الإدارة دورا محوريا في اطار العلاقة مع الملزم ومع النسق الضريبي ككل. ( الفقرة الأولى )
الفقرة الأولى : الإدارة الجبائية وتحديث النظام الجبائي.
عرفت الإدارة الجبائية في المغرب تطورا مهما انعكس على الإصلاحات التي ضمت الجماعات المحلية 78.00 الميثاق الجماعي 79.00 المنظم لمجالس الجماعات والأقاليم وفانون رقم 47.96 المنظم للجهات، كما عرف الخطاب الرسمي تحولا مهما ارتبط أساسا بربط الجباية المحلية بالاستثمار (خطاب الملك بالجرف الأصفر سنة 2000 والجلسة الافتتاحية للبرلمان في نفس السنة ) إن دور الجباية على هذين المستويين أي مواكبة الإصلاحات الإدارية والانخراط في الاستثمار يستلزم بالضرورة نظاما جبائيا مرنا وبسيطا ومندمجا في العملية التنموية مع استحضار المردودية المالية طبعا. هذا الدور يستلزم بالتبع تطوير وتحديث وتأهيل الإدارة الجبائية. فالإدارة الجبائية تعرف أشكالات حقيقية على مستوى النظام القانوني المتحكم في تعيين وكيل المداخيل العائدة إلى اقتراح الآمر بالصرف الذي يوجد تحت سلطته الرئاسية باعتباره موظفا جماعيا وتحت إشراف القابض البلدي يجعله يتأرجح في منزله بين المنزلين وبطبيعة الحال هذا الارتباط والخلط سيكون معيقا في تحرك وفاعلية الطاقم الإداري المشرف على وكالة المداخيل. إنّ اختصاصات هذه الوكالة هي اختصاصات محدودة على اعتبار هامشية الرسوم والضرائب التي تقوم باستخلاصها فأهم الضرائب هي تلك التي تعود إلى القباضات ( الرسم المهني رسم السكن رسم الخدمات الجماعية والضريبة على القيمة المضافة )
إضافة إلى كون الضرائب تقوم الوكالة باستخلاصها هي طلبية و ليست حملية و المشروع الجديد تحدث عن الإدارة الجبائية من خلال : • إعادة هيكلة الإدارة الجبائية بحيث تضم :
1- مصلحة الوعاء
2- مصلحة المراقبة و المنازعات
3- مصلحة التحصيل إضافة إلى الحديث عن عدم اختصاصاتها في مجال وضع الرسوم و التحصيل و تكليف الإدارة الجبائية بالضرائب و الرسوم الاقرارية.
الملاحظ على هذا المستوى أن الضرائب الاقرارية ستزيد من تعقيد عمل الإدارة الجبائية على اعتبار أن الإقرار يحتاج إلى وعي الملزم و بساطة النسق الضريبي المعقد، و بالتالي كان من المفروض ربط الضرائب عن طريق الإحصاء و جعل كل الضرائب حملية و ليست طلبية. أما العنصر البشري في الإدارة الجبائية فهي جوهر الإشكالية على اعتبار سيطرة الأعوان بمعدل 96% في حين أن الأطر العليا التي تخصصها الجماعات المحلية للإدارة الجبائية لا تتجاوز %4 (2). إضافة إلى وسائل الاشتغال غير المساعدة و البسيطة و غياب التحفيز و التكوين المستمر، و إلا ظلت ظاهرة الباقي استخلاصه مستفحلة رغم كل المحاولات الإصلاحية بما فيها مشروع الإصلاح الحالي.
الفقرة الثانية : الملزم و الإصلاح الجبائي يعتبر الملزم أهم عناصر العلاقة الجبائية، على اعتبار أنه المعني الرئيسي بكل العملية الجبائية بدء من التشريع و انتهاء بالتحصيل. و قد أولت كل الدول أهمية بالغة للملزم من حيث التواصل و التوعية فالضريبة تشكل بحق مدرسة و آلية مهمة للتربية على المواطنة و خدمة الصالح العام. فانطلاقا من دوافع ذاتية نفسية و غيرها اعتبر الملزم سلوكه كرد فعل طبيعي ضد عنف الضريبة عبر تاريخها الإنساني من حيث هي انتقاص من ملكيته الخاصة يصعب استساغتها و يزداد نفور الملزم بغياب وعي جبائي (2) هناك قاعدة واضحة كلما ارتفع العبء الجبائي كلما كان هناك تهرب ضريبي بحيث أن عدم الموازنة بين السعر و الوعاء من جهة و من الانعكاسات الاجتماعية و الاقتصادية من جهة أخرى يؤدي حتما إلى إضعاف مدخول الضريبة عوض النهوض بها. (اإن مشروع الإصلاح الجبائي الحالي لم يشر نهائيا إلى الملزم و بالتالي فحديثه عن التوجه نحو الاقرارية في دفع الضرائب مسألة غير سليمة فهي مرتبطة بتوعية الملزم بحيث إنها آلية لخلق أسس الحوار بين
أطراف العلاقة الجبائية من خلالها يمكن للملزم من معرفة حقوقه و واجباته و هذا لن يتأتى إلى عن طريق مجموعة من الوسائل و الأساليب كتوظيف و سائل الإعلام و القيام بحملات الدعاية و التعبئة و اعتماد استقبال جيد في الإدارة. غير أنه تبقى الثقافة الضريبية مرتبطة أساسا بالتنشئة الاجتماعية و السياسية واعتماد المدرسة كفضاء لتلقين التكوين الجبائي فهذه الوسائل و غيرها من شأنها أن تقنع الملزمين بأهمية مساهمتهم المالية و تعميق الوعي الجبائي المسؤول غير المتهرب الدافعة إلى الإشراك و ليس إلى الانزواء. و كان من المفروض الحديث عن الملزم و توعيته في مشروع الإصلاح بدل الاعتماد على الدوريات كدورية رقم 408 الصادرة بتاريخ 22 يوليوز 1992.
(1) عبد المجيد الاسعد : مالية الجماعات المحلية بالمغرب بلا سنة و لا دار نشر ص 6 (2) صباح نعوش : الضرائب في الدول العربية المركز الثقافي العربي البطبعة الاولى 1978 ص 9
(2) محمد عالي أدبية : إشكالية الاستقلال المالي للجماعات المحلية ص 222
[/size] | |
|