salah chtaibi محاور جديد
عدد الرسائل : 8 العمر : 43 المدينة : وادي زم - اقليم خريبكة - الكلية : كلية الحقوق - سويسي - الرباط التخصص : ا وحدة المهن القضائية والقانونية المستوى الدراسي : صف الدكتوراه المستوى الحواري : عدد النقاط : 5563 تاريخ التسجيل : 30/09/2009
| موضوع: إصلاح ورش القضاء : بين أزمة المؤسسات وترسنة القوانين ؟ الأربعاء سبتمبر 30, 2009 11:16 am | |
| من إعداد ذ. صالح اشطيبي : باحث جامعي – بكلية الحقوق السويسي – الرباط يعتبر الخطاب الملكي الأخير بمناسبة ثورة الملك والشعب ، المرجعية الأساسية لخارطة الطريق بالنسبة لإصلاح القضاء ، هذا الأخير الذي ما فتئ أن تجاذبته مجموعة من التيارات ؛ منها الحقوقية والمجتمع المدني والأحزاب السياسية بالإضافة إلى الوزارة الوصية ، وذلك من أجل الخروج بتصور عام وشامل حول المنهجية السليمة لهذا الإصلاح .الأمر الذي يفهم منه أنه كانت هناك بوادر ومؤشرات تلوح في الأفق، أساسها الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش 30 يوليوز 2007 ، فجلالة الملك بصفته أمير المؤمنين هو الوحيد الذي يؤتمن على هذا القطاع ، ولذلك جاء الخطاب الأخير بمثابة خطاب للحسم حول مجموعة من الإشكاليات التي سوف نناقشها في حينها .وتاريخيا عرف قطاع العدالة إصلاحات جزئية تعتبر لبنة أساسية لبناء السرح الديمقراطي ، انطلاقا من مبدأ العدل أساس الملك ، فبين سنتي 1959 و1964 قد أحدث المغرب ، بنيته القانونية لتجاوز وضعية الازدواجية ، التي نتجت عن رواسب الاستعمار آنذاك ، وانطلاقا من سنة 1965 إلى سنة 1974 قد حاول المغرب قطع الصلة مع الماضي وأخرج إلى حيز الوجود قانون المغربة والتعريب وتوحيد للقضاء المغربي ، فكانت دليلا على وجود سيادة كاملة للدولة المغربية وبداية من 1974 إلى سنة 1992 تم خلق قانون التنظيم القضائي للملكة زائد قانون المسطرة المدنية ، بالإضافة إلى قانون المتعلق برجال القضاء .ناهيك إلى التعديلات التي لحقت بقانون المسطرة المدنية ، وأخيرا ما بين سنتي 1992 إلى حدود 2006 ومن أجل جلب الاستثمار الأجنبي، تم خلق محاكم مختصة ( محاكم إدارية ومحاكم تجارية ومحاكم استئناف إدارية و محاكم استئناف تجارية ... ) ولعل هذا الزخم من الترسانة القانونية والبنيات التحتية كانا لازمين من أجل إعطاء دينامكية ونفس جديد لما سيحقق لهذا القطاع من اعتبار .لكن رغم ذلك فإن الخطاب الملكي السامي الأخير، قد كشف عن مجموعة من الاختلالات التي شكلت عائقا أمام السير الفعال لجهاز القضاء ، و لعل أهم ما يعاني منه هذا القطاع يتراوح بين أزمة المؤسسات والترسانة القانونية في المغرب باعتبار هذه الأخيرة عملية أساسية في أية معادلة لإصلاح ورش القضاء .وعليه فالإشكالية المحورية لهذا المقال تتركز حول السؤال التالي :هل إصلاح المؤسسات القضائية وتحديث الترسانة القانونية كفيل لإصلاح عام وشامل لورش القضاء المغربي ؟للإجابة على هذه الإشكالية يفرض علينا منطق البحث أن نقسم الموضوع وفق التصميم التالي :الفقرة الأولى : دور المؤسسات القضائية في النهوض بورش إصلاح القضاءالفقرة الثانية : ضرورة إحداث ترسانة قانونية تواكب المستجدات الوطنية والدولية
الفقرة الأولى : دور المؤسسات القضائية في النهوض بورش إصلاح القضاء
بدون شك أن المؤسسات القضائية، تعتبر محور أساسي لأي إصلاح حقيقي وطموح يحدو أي رغبة في التغير ، ونقصد بهذه المؤسسات (المجلس الأعلى للقضاء والمحاكم على مختلف درجاتها ... ) فالمجلس الأعلى للقضاء باعتباره مؤسسة دستورية هو المشرف والمتتبع المباشر لشؤون القاضي ، أي الذي يلازمه منذ تعينه إلى حدود إحالته على التقاعد .
ورغم ما يميز هذه المؤسسة من قوة تستمدها من تفعيلها لمساطر التأديب والانتقال والترقي وفق النظام الأساسي لرجال القضاء ، فإن هذه المسطرة تجعل القاضي يتميز بعدم الاستقرار النفسي الذي يؤثر على عمله المهني .
ولعل ما يؤرق المهتمين بالشأن القضائي، هو مركز وزير العدل، الذي يفرضه القانون باعتباره نائب للرئيس الذي هو صاحب الجلالة، هنا يكمن تقاطع الخلاف بين السلطتين القضائية والتنفيذية في شخص وزير العدل ، إلا أن جهود هذا الخلاف قد حسم فيه الخطاب الملكي الأخير ، حينما قال : " ...بإيلاء المجلس الأعلى للقضاء المكانة الجديرة به ، كمؤسسة دستورية قائمة للذات وتخويله حصريا للصلاحيات اللازمة لتدبير المسار المهني للقضاء ..." .
ويستشف من ذلك ، أن أمير المؤمنين، قطع دابر كل قول تتداخل فيه السلطتين القضائية والتنفيذية .
أما بخصوص هيكلة المجلس الأعلى للقضاء، الذي يتألف من الملك كرئيس أول وزير العدل نائب للرئيس، ثم الرئيس الأول للمجلس الأعلى ، والوكيل العام للملك لدى نفس المجلس ، بالإضافة إلى عضوين يمثلان المحاكم الإستئنافية وآخرين يمثلان المحاكم الابتدائية ، ورئيس الغرفة الأولى بالمجلس الأعلى ( الغرفة المدنية ) .
فهذه التركيبة يتكون المجلس- باستثناء الملك ونائبه - من القضاة مع اختلاف دراجتهم ، و ما يجب الإشارة إليه، هو إغفال العنصر النسوي داخل هذه التركيبة رغم أن القاضيات قد امتهنوا القضاء في المغرب منذ سنة 1961 .
الأمر الذي يتطلب إعادة هيكلة هذه المؤسسة، مع بقاء جلالة الملك باعتباره أمير المؤمنين ثم إشراك جميع الفاعلين من محامين وأساتذة حقوقيين وقضاة ومجتمع مدني ، وكل واحد له أهميته على الشكل التالي ؛ بالنسبة للمحامين يجب إشراك في تركيبة المجلس، السيد النقيب ونائبه الأول على اعتبار ما لهما من خبرة و مسؤولية في قطاع المحاماة ، الذي هو بالمناسبة يعتبر جزء من أسرة القضاء .
وعلى مستوى الجامعات الحقوقية ، يجب إشراك السيد عميد أحد كلية الحقوق بالمغرب ، لما يتميز به من حنكة في البحث العلمي والتدبير الجيد للجامعة بالإضافة إلى رئيس شعبة القانون الخاص على اعتبار أن طلبة الحقوق ، هما في نهاية المطاف مؤهلون أن يصبحوا قضاة المستقبل .
وعلى صعيد المجتمع المدني، يستحب أن يكون رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ، لما لها - المنظمة - من تتبع واهتمام في الحقل القانوني من خلال تركيزها على عدة مبادئ قانونية ، كاحترام حقوق الإنسان والمحاكمة العادلة و الحث على التزام المغرب ، على ما تنص عليه بنود الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب .
بالإضافة إلى نائب الرئيس، الذي يجب أن يكون هو الرئيس الأول للمجلس الأعلى ، هذا الأخير الذي يقترح قضاة من المجلس الأعلى ، بالإضافة قاضيتان (إما مستشارات في المجلس الأعلى أ و سبق أن تقلدن منصب رئيسة لأحد المحاكم الابتدائية ...) فهن يشكلن العنصر النسوي، الذي يعتبر فعال في أية معادلة إصلاحية ، لأن القاضيات يمثلن 20% من مجموع القضاة في المغرب .
على مستوى الموارد البشرية : تعد هذه الأخيرة البنية التحتية لأي إصلاح فلا يعقل المطالبة لإقامة العدل وضمان حقوق المواطن ، والقاضي المغربي يتحمل 1000 ملف في السنة ، فمن خلال عملية حسابية بسيطة ف1000 مقسومة على 335 يوم ( بحذف 30 يوم لعطلة القاضي السنوية ) تساوي 2,98 أي بمعدل 3 ملفات في اليوم ، وهو أمر شاق على القاضي ، الأمر الذي تنتج معه عدة آثار سلبية منها : غياب جودة الأحكام ، ثم البطء في التنفيذ، ناهيك عن تراكم الملفات الشيء الذي يعطل سير العدالة، ويجهض حقوق المتقاضين ، في فترة نظر المحكمة للملف .
لذلك فالمطلوب من أجل تغيير واصلاح حقيقي، أن تكثف الوزارة الوصية من عدد القضاة ، مع رصد أجور عالية لهم ، من أجل تحصينهم من الرشوة التي ينبذها المجتمع المغربي .
أما على مستوى مقر وميزانية المجلس الأعلى للقضاء : فالغريب في الأمر أننا نتحدث عن إصلاح القضاء ومقر المجلس الأعلى للقضاء ،لازال تحتضنه وزارة العدل ، كما تراقب هذه الأخيرة ميزانيتها ، مما يفيد أن عنصر المتابعة لازال قائما لذلك يجب أن يستقل المجلس الأعلى للقضاء عن وزارة العدل ، وتستقل أيضا ميزانيته ، والهدف هو ضمان استقلال حقيقي لهذا الورش .
وعلى صعيد المحاكم : قد حقق المغرب قفزة نوعية، بإحداثه محاكم متخصصة ( ابتدائية ، إدارية ، تجارية ، عسكرية ) لكن ما يعاب على هذا التخصص هو عدم إحداث مجلس الدولة على هرم المحاكم الإدارية ، بالإضافة إلى إعادة انتشار المحاكم الإدارية على الخريطة القضائية بالمغرب من أجل تقريب القضاء من المواطنين .
فمثلا يثار نزاع بمدينة وادي زم ويبت فيه بالمحكمة الإدارية بمدينة الدار البيضاء باعتبارها صاحبة الاختصاص ، فطول المسافة لم تخدم مصالح المتقاضين الأمر الذي يجعل النزاع يستغرق وقتا طويل ، مقارنة مع ما إذا كانت هذه المحكمة توجد بمدينة وادي زم ، فهذا مثال من عدة أمثلة ، التي يعاني منها المواطن المغربي ، الأمر الذي يفرض على الدولة بناء هذه المحاكم المتخصصة للمساهمة في نشر الأمن القضائي من أجل تحقيق سياسة واضحة هي تقريب القضاء من المواطنين .
| |
|
salah chtaibi محاور جديد
عدد الرسائل : 8 العمر : 43 المدينة : وادي زم - اقليم خريبكة - الكلية : كلية الحقوق - سويسي - الرباط التخصص : ا وحدة المهن القضائية والقانونية المستوى الدراسي : صف الدكتوراه المستوى الحواري : عدد النقاط : 5563 تاريخ التسجيل : 30/09/2009
| موضوع: رد: إصلاح ورش القضاء : بين أزمة المؤسسات وترسنة القوانين ؟ الأربعاء سبتمبر 30, 2009 11:18 am | |
| الفقرة الثانية : ضرورة إحداث ترسانة قانونية تواكب المستجدات الوطنية والدولية
إن المغرب قد خلق مجموعة من القوانين منذ بداية الحماية ، وهذه القوانين جاءت تبعا لوجود الحاجة إليها ، لكن الآن و في ظل الثورة المعلوماتية وكثرة الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، و توسيع نطاق المطالبة بحقوق الإنسان ، قد أضحى أكثر من أي وقت مضى على المشرع المغربي ، إعادة النظر في ترسانته القانونية من أجل مواكبة المستجدات الوطنية والدولية .
وأول هذه القوانين قانون حماية المستهلك ، وقانون كتابة الضبط ، اللذان يجب دخولهما إلى حيز التنفيذ لما لهم من أهمية ، و قوانين أخرى يجب أن يطالها التعديل كقانون المسطرة الجنائية والقانون العقار غير المحفظ الذي لازال يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية ، وقانون الجرائم المعلوماتية على اعتبار ما خلفت العولمة من آثار سلبية ( الجرائم العابرة للحدود ) ناهيك عن القانون الجنائي ثم تعديل النظام الأساسي لرجال القضاء ...
و إعادة النظر في قانون الشركة المدنية للمحاماة ، وقانون الموثقين الذي لازال ساريا منذ 1925 ثم قانون النساخ الذي يعاني من عدم استقلاليته ، سواء من حيث التوقيت الذي يساير توقيت المحكمة، أو من حيث التبعية التي تخضع لأشراف قاضي التوثيق داخل المحكمة ، أومن خلال الرسوم المؤداة على استخراج الوثائق و التي تبقى هزيلة .
أما كتابة الضبط التي تعتبر بمثابة العجلة التي تسير عليها موكب العدالة من الضروري الالتفاتة لها ، سواء من الناحية القانونية ( وذلك من أجل تطوير أدائهم ) أومن الناحية المالية بهدف خلق استقرار نفسي لدى كتاب الضبط .
إن هذه القوانين ، تعتبر الفيصل في عملية الإصلاح، لأن إحداث المشرع لهذه الترسانة القانونية، تجعل الدولة المغربية تستقطب رؤوس الأموال الأجنبية عن طريق إعادة الثقة في القضاء المغربي (واطمئنان المستثمر عليه ) ، وبالتالي تبرز أهمية هذه الترسانة على عدة مستويات منها الاجتماعية : ( ضبط العلاقات الاجتماعية قانونيا ، سواء بين الأفراد أو بينهم وبين الجماعات ) أما المستوى الاقتصادي فالدولة المغربية تعتبر قبلة للمستثمرين الأجانب ، وهؤلاء الأجانب يحتاجون إلى عدالة قوية تحقق المبتغى الذي يسمو له أي متقاضي أمام المحكمة وهذا ما حدا بالمشرع المغربي بالنص على وجود محاكم متخصصة ، لا سيما المحاكم التجارية هذه الأخيرة التي تتميز بالسرعة في تنفيذ الأحكام، على اعتبار أن عالم المال والأعمال لا يقبل البطء في الأحكام .
أما على الصعيد السياسي : فالدولة المغربية تسعى جاهدا لبناء السرح الديمقراطي، وبناء مؤسسات تحترم حقوق الإنسان وفق معاهدات واتفاقيات بالمفهوم العام والشامل، ولعل الرغبة القوية لإصلاح القضاء تعتبر القوة المؤثرة ايجابيا في بناء دولة القانون .
وعليه ، فصياغة هذا الإصلاح بطريقة حديثة وحصرية تنسجم مع متطلبات العصر تفترض من القائمين عليه، إشراك أصحاب المهن التي تدور في فلك القضاء لأن الحكم القضائي ، يشارك فيه كل من المحامي عن طريق المقال الافتتاحي والمذكرات الجوابية ، والخبير عن طريق تقريره في الخبرة في النزاع ثم كاتب الضبط في تدوين وضبط ما يروج في جلسة المحكمة ، بالإضافة إلى المفوض القضائي الذي يسهر على تبليغ الحكم إلى المعني بالأمر ، والموثقين الذين يقومون بتحرير الحكم ، وأخيرا النساخ الذين يحتفظون بنسخ الأحكام في أرشيف المحكمة من أجل الرجوع لها عند الحاجة .
وبالتالي ، رغم أن القاضي هو محور لأي إصلاح، فإن أصحاب هذه المهن تدور مع الحكم وجودا وعدما ، لذلك وجب الاهتمام بهذه المهن التي تعتبر أرضية خصبة في بناء أحكام جيدة .
خلاصة
نافلة القول ، إن إصلاح القضاء يعتبر ورش طويل وشاق، يتطلب تضافر جهود جميع الفاعلين في الدولة ؛ من أحزاب سياسية وأساتذة جامعين بالإضافة إلى القضاة أنفسهم ، والهدف الأسمى هو تحقيق مبدأ استقلالية القضاء وإعطائه المكانة الرفيعة التي يسموا لها كل مواطن مغربي .
ولعل الأزمة التي مازالت تتخبط فيها المؤسسة الدستورية ( المجلس الأعلى للقضاء ) تجعل هذا الإصلاح صعب المنال في الوقت الراهن، ناهيك عن جمود بعض القوانين التي لم تعد تواكب المستجدات الوطنية والدولية ( قانون العقار غير المحفظ وقانون العقار المحفظ الصادرة منذ سنة 1913 ثم قانون الموثقين الصادر 1925 ) وللخروج من هذه الأزمة لابد من التأكيد على ما يلي :
- خلق لجنة ملكية ( على شاكلة لجنة مدونة الأسرة ) تنكب على تتبع وثيرة إصلاح القضاء ؛
- استقلال ميزانية المجلس الأعلى للقضاء ومقره عن وزارة العدل ؛
- إعادة النظر في طريقة تكوين القضاة كل حسب تخصصهم لاسيما أن المشرع المغربي ينهج سياسة ازدواجية القضاء ؛
- إعادة النظر في برامج المعهد العالي للقضاء مع خلق برامج تجعل القاضي يشعر بروح المسؤولية وتخليق مهنة القضاء ؛
- تسريع وثيرة القوانين من أجل مواكبة التحولات الوطنية الدولية .
وعليه ، فإصلاح الحقيقي هو إصلاح المؤسسات ، التي تعتبر قاطرة أساسية في نقل ورش إصلاح القضاء ، إلى الصورة التي يطمح لها المجتمع المغربي عامة ورجال القضاء خاصة . | |
|